نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " الدستور " المستقلة ، والذي شن رئيس تحريرها إبراهيم عيسى هجوما معاكسا على الأصوات التي تنتقد النتائج القوية التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية ، قائلا " أي مواطن منحه الله نعمة العقل ونقمة الضمير الصاحي وقف هذه الأيام بين اختيارين في انتخابات مجلس الشعب : الحزب الوطني وجماعة الإخوان المسلمين ، وقد اختار فعلا وبلا تردد جماعة الإخوان المسلمين .
أنا أصدق مبدئيا أن كل صوت حصل عليه مرشح الإخوان هو صوت حقيقي لموطن خرج من داره متغلبا على السلبية ومتحملا ضغط الدولة وعسس أمن الدولة وصنوف الإرهاب الأمني والترويع وسنج البلطجية وسيوف المسجلين خطرا أو إمكانية تزوير صوته وتزييف إرادته وراح إلى صندوق الانتخابات وأعطى صوته لمرشح الإخوان .
وأنا لا أصدق أن أي صوت حصل عليه مرشح الوطني ليس مزورا ولا مزيفا ولا محسوبا بطريقة حسابات لجنة آمال عثمان ، لكن لماذا يختار المواطن مرشح الإخوان ، ولماذا ينتصر المصريون للإخوان المسلمين في هذه الانتخابات ؟ .
ينتخب المواطن الإخوان لأنهم لم يرشحوا فاسدا ولا ناهبا للبنوك ولا سارقا لقوت الناس ولا ضباط أمن دولة متهمين بتعذيب المواطنين . لم يرشحوا محتكرا لسلعة أو صناعة ولا تجار مخدرات ولا مزورا ولا شخصا شارك في بيع ثروة مصر ولا ناهبا لقطاعها العام ولا مستبدا عابدا للرئيس ولا منافقا مصفقا مطبلا مزمرا ولا مفصلا لقوانين ولا ترزيا للتشريعات ولا مطبعا مع إسرائيل ولا متعاملا مع منح الأمريكان ولا شريكا في الكويز ولا أفاقا ولا نصابا ولا مدلسا " .
وأضاف عيسى " يختار المواطن الإخوان المسلمين لأنهم رجال تضحية وبذل من أجل فكرتهم ومشروعهم الفكري والسياسي ( أيا ما كان الاختلاف معه أو حوله ) في مواجهة بائعي ضمائر وحرباءات نفعية تتلون بالاشتراكية حينا وبالرأسمالية حينا ، تفدي زعيمها أيا كان بالروح والدم ثم تنهش في سيرته وسمعته بعد أن يموت ثم تسلم ضميرها مؤجرا مفروشا أو تمليكا لرئيس جديد يقبلون أعتابه ويتمرغون في نفاقه ثم يرفعون رئيسهم لمصاف الانبياء والآلهة لا يسائلونه ولا يحاسبونه ، يتلونون مع كل نظام و يتشكلون مع كل مرحلة ، انتهازيون في السياسة نهازون للفرص ، مع معاداة إسرائيل إن قال الرئيس ، ومع الصلح معها لو أمر ، ومع الشراكة التجارية والصناعية معها لو أشار .
يختار المواطن جماعة الإخوان لأنهم أغنياء من الحلال لا ضبطوا منهم أحدا يتاجر في ممنوعات ولا مهربات ولا يحتكر سلعا ولا مصانع ، بل تقفل لهم عيادات وصيدليات وورش ومصانع نتيجة الاعتقال والمطاردة في مواجهة مليونيرات حزب وحزب مليارديرات كسبوا بالحصانة والصفقات المشبوهة والقوانين المفصلة لهم وبالمصاهرة مع رجال السلطة وبالمشاركة مع أولاد النظام . يصرف الإخوان من أموالهم ويصرف منافسوهم من أموال الناس الغلابة .
من مصلحة هذا الوطن يكون هناك تيار إسلامي ديمقراطي ينافس الجميع على السبق بالفوز في الانتخابات مثلما جرى في تركيا أو في ماليزيا ، ولا أفهم من يهمهم مصير هذا الوطن وتلك الأمة ، ما هي مصلحتهم في نفي الإخوان المسلمين من الساحة السياسية والجماهيرية ، إذا كان البعض يخشى ويخاف من أن الإخوان سينقلبون على الديمقراطية فهذا تفتيش في الضمائر ، فالإخوان قالوا وأقسموا أنهم لن يفعلوا ، فلماذا نصر ونصمم على العبث في داخل قلوبهم والحكم على النوايا وتلك الروح البوليسية الغثة التي يمارسها حتى عقلاء كثيرون في الوسط السياسي واليساري .
الحقيقة أن الذي يحتكر الدين والدنيا هو الحزب الوطني ، والذي يحكم بالكاكي والأمن المركزي هو الحزب الوطني ، والذي يمارس الاستبداد هو الحزب الوطني ، والذي يصادر الرأي هو الحزب الوطني والذي يمنع الأحزاب هو الحزب الوطني ، والذي يفرض الطوارئ هو الحزب الوطني ، فلماذا نهاجم الإخوان على ما نعتقد أنهم سيفعلونه بينما لا نقاوم الحزب الوطني على ما يفعله . .
فضلا عن أن من حق الناس أن ترى تجربة الإخوان في البرلمان بشكل أوسع وأدق ، فإن كانت خيرا أيدهم من أيدهم وإن كانت شرا وخيبة سحبوا تأييدهم وبحثوا عن غيرهم شأن كل الديمقراطيات في العالم " .
|