ثم أن المسلمين سيطالبون حكوماتهم الفاسدة الفاسقة العاجزة العميلة، بمساواة المساجد بالكنائس، وجعلها قلاعا لا يعرف أحد ماذا يجري فيها، وبتمكين كل مسجد من إنشاء فرقته المسرحية و إصدار صحيفته!!.. بل قد يفكر البعض بأن العدل يقتضي باعتماد نسبة المسيحيين التي يقولونها هم بألسنتهم.. ليكون لهم في المعتقلات دون محاكمة ثلاثة آلاف أو أربعة آلاف.. و أن يعدم منهم – بأحكام عسكرية – عشرون أو ثلاثون.. و أن ينكل بهم ويعذبوا كما ينكل بالمسلمين!!..أو بأن تفتح الكنائس قبل الصلاة بخمس دقائق وتغلق بعدها بخمس دقائق .. تحت رعاية مباحث أمن الشيطان.
أما عن تمثيلهم في المجالس النيابية فلماذا لا يعرضون أنفسهم على الناس؟.. لماذا لا يتقدمون للترشيح؟.. لماذا يقتصر جهدهم على لطم الخدود وشق الجيوب لأن الحزب الوطني لا يرشحهم على قوائمه، والحزب الوطني لا يرشحهم لأنهم ساقطو الأهلية، وسوف يفقد الحزب المقعد الذي يرشحهم عليه، كما أنهم يعلمون أن نواب الحزب ينجحون في الأغلب الأعم بالتزوير. لقد كان نواب الأقباط ينجحون بأصوات المسلمين عندما كانوا يدافعون عن الأمة والوطن والشرف والكرامة.. بل وعن المسيحية الأرثوذكسية أيضا.. لكن.. بعد أن انضموا إلى أمريكا و إسرائيل.. بعد أن خرجوا على إجماع الأمة وخانوها في لحظة حرجة من لحظات التاريخ لن تنسى لهم أبدا.. و أظن الوقت الذي سيبدءون دفع الثمن فيها قد اقترب إن لم يكن قد بدأ بالفعل....
نعم.. بعد هذا كله أصبح من الصعب جدا إن لم يكن من المستحيل أن يحصلوا على أصوات المسلمين.. بل ولا على أصوات المسيحيين الشرفاء أيضا.
***
إن المسلمين يسجنون ويطاردون ويعتقلون ويعذبون ويقتلون في أمريكا لمجرد أنهم مسلمون.. فهل عانى المسيحيون طيلة عهود الدولة الإسلامية مثل ذلك؟!..
***
كنت أراقب بعض الوجوه على شاشة التلفاز تتحدث، أعترف أن بعضها كان من روز اليوسف، وبعضها من حزب التجمع وبعضها من الحزب الوطني ، بالإضافة إلى القمل والديدان والطفيليات التي تنمو على جسده وتتغذى ويسمونها أحزاب معارضة متحالفة معه ، أما البعض الآخر فهو وجه النخبة العلمانية من أدعياء الثقافة. كنت أراقب الوجوه جزعا فزعا، قلت لنفسي ليس لهم من البشر إلا الإهاب، كل شيء فيهم لم يتعفن ويتنتن فقط بل قد ذوى وتلاشى أيضا، إنهم كتلك الحيوانات المحنطة التي تحنط بإتقان شديد، حيث يفرغ داخلها كله وتحشى بالقش.. نعم.. لا روح ولا عقل ولا قلب.. فقط القش.. لا شيء له قيمه.. فقط القش.. كنت أتأمل الوجوه في فزع وخلاياي تصرخ: شاهت الوجوه.. شاهت الوجوه.. شاهت الوجوه وانعدمت الضمائر.. كانوا بلا روح وكانت رائحة عفنهم تتسلل عبر شاشة التلفاز إلىّّ.. كنت أعرف أن صفقة كهذه لا يمكن أن تتم إلا بمباركة الشيطان وتوجيهاته ورعايته.. الشيطان أصلا لا فرعا وحقا لا مجازا.. كنت أستعيد بعض قصيدة لأمل دنقل:
تُرى.. حين أفقأ عينيك و أضع جوهرتين مكانهما..
تُرى .. هل تَرى..
هي أشياء لا تُشترى..
قلت لنفسي.. بل لم تكونا جوهرتين.. كانا كيسين من القش..
***
الأقباط جزء من نسيج الشعب المصري، ليسوا أكفأ أو أكسل، ولا هم أذكى ولا أغبى.. و كان الوضع الطبيعي أن يتمتعوا بنسب من الثروة والأعباء تتناسب مع عددهم.. ولكن الاستعمار الصليبي خلق هذا الخلل الشديد وجعلهم يتمتعون بعشرة أمثال نسبتهم العددية لخلق وضع غير قابل للاستمرار، لزرع شحنة قابلة للانفجار في أي وقت، لكن سماحة الإسلام والمسلمين تغاضت عن هذا كله، دون أي محاولة لتغيير الوضع أو إزالة الظلم الواقع عليهم من واقع مقلوب، ولم يحاولوا تغييره ولا حتى بالانحياز الاقتصادي لإخوانهم من المسلمين أو مقاطعة الأقباط..
ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ..
إن نسبة الكنائس إلى السكان أعلى من نسبة المساجد، فحسب التقرير الاستراتيجي للأهرام لسنة 1999 ، فإن هناك كنيسة لكل سبعة عشر ألف قبطي ، بالمقابل هناك مسجد لكل ثمانية عشر مسلم.
ويعلق الدكتور عمارة على ذلك قائلا: إذا كانت نسبة الكنائس لعدد النصارى تكاد أن تساوى نسبة المساجد لعدد المسلمين. فإن الواقع يقول: إن الكنائس مفتوحة على مدار النهار والليل.. والمساجد تغلق عقب الصلاة.. ومنبر الكنيسة حر كل الحرية، ومنبر المسجد مؤمم، لا يرقاه إلا من ترضاه وترضى آراءه "الأجهزة"!.. والشباب القبطي المتدين ينام في بيته آمنا، ونظيره المسلم يعيش في رعب قوائم "الاشتباه "!.. وأروقة الكنائس مفتوحة أمام التبتل النصراني- وحتى الرهبنة- بينما الشاب المسلم إذا أراد الاعتكاف بالمسجد في رمضان، لا يتاح له ذلك إلا إذا تقدم بصورة البطاقة إلى "الأجهزة"، التي تضعه- فورا- في القوائم المرشحة لما يعرفه الجميع!!.. وأوقاف الكنائس قائمة، وفى نمو- وهى تحفظ لها استقلال الموقف والتوجه والقرار-.. بينما أوقاف المساجد والأزهر ومؤسسات الخير الإسلامية، قد أممت، واغتالتها البيروقراطية الحكومية، واغتالت معها حرية هذه المؤسسات في التوجه والقرار!!..
***
أي تمثيل نسبي و أي حقوق؟..
والمسلمون يتمنون المساواة بالأقباط على كافة المستويات..
أما الأمل في أن تتساوى الأقليات الإسلامية في العالم بمثل ما تتمتع به الأقلية القبطية في مصر فيبدوا مستحيلا..
***
من حقي أن أسأل بني وطننا من النصارى الذين أوصانا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أي تمثيل نسبي و أي حقوق؟..
أسألهم جميعا و على رأسهم البابا..
أستثني من السؤال فقط الفجرة من نشطاء المهجر وهم ليسوا أقباطا بل مجرمين وعملاء وجواسيس وهم مستعدون للقدوم على ظهر الدبابات الأمريكية لينكلوا بالشعب كله مسلمين و أقباط..
أسأل أي حقوق..
أسألهم..
أسأل البابا شنودة أي حقوق مهضومة لهم و أي مظالم مدعاة تقع عليهم..
وليذكر لي البابا أو أي واحد من الأقباط أقلية مدللة كما يدلل الأقباط في مصر..
بل هاتوا لي أقلية مسلمة تتمتع بمعشار ما يتمتع به الأقباط في مصر..
هل يتمتع المسلمون في الهند أو الصين أو حتى أوروبا و أمريكا بما يتمتع به الأقباط في مصر؟ ..
يبلغ عدد المسلمين في الهند مائة مليون ( 15% من السكان) يذبحون ويحرقون أو يغرقون أحياء وينكل بهم أيما تنكيل..
وفي الصين يبلغ عدد المسلمين 120 مليونا ( 11% من السكان) وقبل أن يتشكك القارئ في العدد الهائل عليه الرجوع إلى كتاب نشره كتاب اليوم ( أكتوبر 2005) بعنوان "المسلمون في الصين" .. وسلسلة كتاب اليوم هذه ليست تابعة لطالبان ولا للشيخ المجاهد أسامة بن لادن رضي الله عنه بل لمؤسسة أخبار اليوم.. وهي مؤسسة نبتت في البداية في رحم الأمريكيين.. ولم تثر حولها طيلة تاريخها أية شبهة للتعاطف مع الإسلام أو المسلمين..
ينال المسلمون في الصين حقهم الكامل من السحق والتذويب رغم أن نسبة عددهم تصل إلى ضعف نسبة عدد الأقباط في مصر..
وفي روسيا حوالي أربعين مليونا من المسلمين ( 20% من السكان) ينكل بهم منذ ثلاثة قرون على الأقل.. سحقوا وحرموا من ممارسة أي شعيرة من شعائر دينهم وكان القتل نصيب من يكتشفون أنه ما يزال مسلما.. نعم.. عانى المسلمون في روسيا من شتى صنوف التعذيب والاضطهاد ومنعوا من إقامة الصلاة والصيام والحج والزكاة حتى الكتب الدينية والمصاحف لم تسلم من الروس فمنعوا طباعتها، وتم إنشاء مدارس لتلقين أصول الإلحاد وخلق جيل إسلامي لا يعرف عن الدين شيئا وانتشرت الكتب والمجلات التي تشوه صورة الإسلام والمسلمين.
وعندما حاولت أذريبجان المسلمة الاستقلال تعرضت لما يشبه حرب صليبية حتى يخبو صوتها وفي الشيشان تعرض أهلها لشتى أفانين البطش والتعذيب فكان يتم نقل الأهالي في عربات الماشية ويتم إلقاؤهم بمجاهل الصحراء وتعرضوا لشتى أنواع التعذيب والتصفية الجسدية وتم طرد المسلمين من منازلهم وضياعهم واستولوا على ممتلكاتهم.
|