|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
||||
|
||||
صراع حضارات؟!! (2) - د. وفاء سلطان
صراع حضارات؟!! (2) بقلم د. وفاء سلطان 5/6/2006 من المعني أكثر من غيره بفهم طبيعة الصراع بين الغرب الذي يمثل كلّ ديانات الأرض وبين الاسلام الذي يمثل نفسه؟!! يصعب على معظم الغربيين، كما يصعب على معظم المسلمين، ان يفهموا اوجه الصراع! يخطئ من يظن، في كلا الجانبين، بأن مايحدث هو صراع حضارات! الصراع دائما يعني اصطدام نقيضين. الحضارة لا يمكن ان تصارع حضارة. الخير لا يصارع خيرا ولا الشرّ يصارع شرا. وحدها البداوة تصارع الحضارة والبدائيّة تصارع المدنيّة والخير يصارع الشرّ. وحده النقيض يصارع نقيضه! مانراه هو صراع افكار، صراع عادات وتقاليد وأعراف. أحد الجانبين فيها يمثّل مفهوما والآخر يمثّل نقيضه. الحضارات تتنافس لكنّها لا تتصارع! وعندما يبلغ تنافسها حد الصراع تفقد ميّزاتها الحضاريّة. التنافس بين الحضارة الفرنسية والحضارة الامريكيّة واضح وضوح الشمس. في اليوم الذي اعقب مجزرة ايلول الارهابيّة كتبت جريدة الليموند الفرنسيّة على صفحتها الأولى: كلّنا امريكيّون! بينما نزل المسلمون الى الشوارع يرقصون ويغنّون! الحضارة الفرنسيّة لا يمكن ان تتصارع مع الحضارة الأمريكيّة، لكنّهما قد يتنافسان. طالب مجتهد يتنافس مع آخر مجتهد، لكنّ الصراع يميّز العلاقة بين طالبين متناقضين في درجة اجتهادهما. التنافس بين قطبين يعكس دائما اوجه التشابه بينهما اكثر مما يعكس اوجه الخلاف. ********************* ما نراه من صراع اليوم على الساحة الدولية ليس صراعا بين الحضارات وليس صراعا بين الأديان، انّه صراع بين نقيضين.. صراع بين زمنين.. بين عقليتين، عقليّة تنتمي الى القرون الوسطى واخرى تنتمي الى القرن الواحد والعشرين. إنّه صراع بين القمع والحرية.. بين الديكتاتورية والديمقراطية.. بين الهمجيّة والعقلانيّة.. بين احترام حقوق الانسان وبين اغتصاب تلك الحقوق.. بين من يصنف المرأة مع ال*** والحمار وبين من يعتبرها مقياسا لحضارته ورقيّه.. ******************** من الأقدر من الناس على فهم طبيعة ذلك الصراع؟!! الانسان الذي يستطيع ان يفهم طبيعة ذلك الصراع أكثر من غيره هو الانسان الذي يعيش في العالمين.. هو الانسان الذي يجرّب النقيضين.. بضعة ساعات من الطيران كفيلة ان تنقلك من اقصى هذا الصراع الى ادناه فتتعرف على طبيعته وأسبابه. تلك الامور لا يعرفها الانسان الغربي ولا الانسان المسلم الذي لم يبرح يوما حدود عالمه! ولذلك استطيع ان افترض، ولو من باب الجدل، ان المسلمين المهاجرين أكثرمن غيرهم قدرة على فهم طبيعة هذا الصراع، لأنهم عاشوا في العالمين وتسنى لهم ان يروا مالم يستطع ان يراه غربي لايعرف عن الاسلام شيئا او مسلم لا يعرف عن الغرب شيئا! ولكن المشكلة في طبيعة العقيدة الاسلامية التي تحدد ساحة الرؤية عند معتنقها فلا يرى إلا ما تسمح به حدود تلك الساحة! يعيش المسلم معظم سنوات عمره في الغرب ولا تصدق عندما تقابله الا انه غادر الربع الخالي لتوه! يركب احدث السيارات الأمريكية وكأنه يركب جمله! يأكل غازيا.. يحاور غازيا.. يمشي غازيا.. يكتب غازيا.. يعيش حياته برمتها غازيا! مايكسبه من هذا العالم غنيمة وما يقدمه منّة! ******************** في المدينة التي أعيش بها توزع بلديّة المدينة على كل بيت ثلاثة براميل للقمامة. برميل للأوساخ التي لا فائدة منها وبرميل آخر لمخلفات الحديقة كالأعشاب والأزهار والبقايا الناجمة عن تقليم الاشجار، والبرميل الثالث للمعلبات والأوراق القابلة لاعادة التصنيع. طبعا الغاية من هذا التصنيف هو حماية البيئة من التلوث. واعادة الاستفادة من الأشياء القابلة لاعادة التصنيع. كنت مدعوة على طعام الغداء في بيت صديقة مسلمة. في آخر الحفل قمنا بتنظيف المائدة وقامت هي بالقاء كل شيء في برميل الأوساخ. سألت سعاد مستفسرة عن سر تصرفها فردت: لعنهم الله! اتريدينني ان اساهم في تنظيف بييئتهم وهم يساهمون في تلويث بيئتنا؟!! ألم تسمعي بارتفاع عدد الاصابات بالسرطان في الاردن بسبب حرب الخليج؟!! ألم تسمعي كيف تقوم اسرائيل بتلويث مياهنا بالمواد المشعّة؟!! ألم تسمعي بالمومسات اللواتي يرسلهن اليهود الى مصر كي يساهمن في نشر الايدز.. ألم .. ألم...؟!! ـ نعم.. نعم سمعت بكلّ هذا، ولكنني لم اسمع بأن حيوانا يأكل من عليقة ثمّ يرفس فيها وهو يعلم بأن اولاده واحفاده واحفاد احفاده ستأكل من تلك العليقة!! عندما زرت سوريّا العام الماضي برفقة زميلتي الدكتورة لاسلي مارتين، كانت لاسلي تضع النفايات من ورق وبقايا طعام في محفظتها حتى تعود الى البيت وتعثر على برميل للقمامة، علما بان معظم الشوارع في الأحياء التي زرناها لم تكن تختلف عن ايّ برميل للقمامة! هل سعاد تمثل حضارة ولاسيلي تمثل حضارة اخرى؟!! التناقض بين تصرف سعاد ولاسيلي يعكس صراعا بين البداوة والحضارة، وليس بين حضارة وحضارة! ******************* قد يحتج عليّ احدهم، كما جرت العادة، بقوله: ولكن سعاد لا تمثل الاسلام وعليك ان تميّزي بين الاسلام والمسلمين! لهؤلاء أقول: سعاد هي الاسلام، والاسلام هو سعاد! في حجة الوداع قال النبي محمد: اليوم اتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا! ما فعلته سعاد هو مظهرمن مظاهر تلك النعمة، ونتيجة حتمية لتعاليم ذلك الدين! تقرأ سعاد حديثا نبويا: "من لم يغزو في حياته ولم يتحدث عن غزو فقد مات وهو في شعبة النفاق" لماذا يغزو الانسان؟ ولماذا كان محمد يغزو؟!! ماهي الغاية المرجوة من الغزو؟!! لا اعتقد بان احدا على سطح الأرض يستطيع ان يختلف معي على أن الغاية من ايّ علمية غزو هي إمّا كسب منفعة وإما الحاق ضرر، وعلى الأغلب الاثنين معا! في القرن الواحد والعشرين، وفي أمريكا بالذات، لا تستطيع سعاد ان تغزو ولا ان تتحدث عن غزو! لا يجد الغزو له مكانا في حيّز وعيها، فيتلاشى مع الزمن ويغيب من ساحة تفكيرها! ولكن الغاية المرجوة منه تبقى في حيّز اللاوعي عندها وتلح على سعاد بعناد كي تسعى نحوها. تسعى سعاد، مدفوعة من قبل الرغبات المطمورة في حيز اللاوعي عندها، دائما لكسب منفعتها والحاق الضرر بغيرها. الرفاهية التي حققها لها هذا العالم الذي تعيش فيه هي المنفعة التي سعت لاغتنامها، والتلوث الذي تساهم به هو الضرر الذي ألحقته بعدوها. ******************* الانسان الذي يتبنى ثقافة الغزو انسان يخرج الى الحياة مشوها. يعيش عمره راكضا وراء غنيمة أو ساعيا الى الحاق ضرر. العقلية الغزاوية عقلية مريضة، تغنم بلا قانون وتضرّ بلا شفقة! لقد سقط الانسان المسلم ضحيّة لتلك العقلية، وليست سعاد إلاّ برهانا على تلك الحقيقة. الوضع المأساوي الذي آلت اليه المجتمعات الاسلاميّة هو نتيجة حتميّة لفلسفة الغزو والغنائم. صديق مصري مسلم خبير بالشؤون المصريّة أكد لي مؤخرا بأن ودائع حسني مبارك واولاده في البنوك الغربيّة تزيد عن 120 بليون دولارا. لست خبيرة بعلم البنوك ولا اتابع البورصة ولا يهمني كثيرا مصداقيّة هذا الرقم، ولكنني على ثقة بأن أحاديث النبي محمّد عن الغزو والغنائم هي التي شوهت حسني مبارك وليس هو الذي اساء فهمها، وهي التي شوّهت سعاد وليست هي التي اساءت فهمها! تريدون حكاما يأمرون بالعدل وينهون عن المنكر؟!! علّموا الناس أن يأكلوا رغيفهم بعرق جبينهم لا أن يغنموه من عدوّهم، علموهم بأنّ الغزو جريمة وبأن الحاق الضرر خسّة! استبدلوا ثقافة الغزو والغنائم بثقافة العمل المثمر والكسب المشروع. سعاد ومبارك ضحيّتان من ضحايا فلسفة الغزو والغنائم. عندما تسعى سعاد لتلويث البيئة عمدا وعن سابق قصد، وعندما يسعى مبارك لاستنزاف ثروات بلده وتجويع مواطنيه عمدا وعن سابق قصد، إنّما يسعى كلاهما، وبأمر من النوايا المطمورة في حيّز اللاوعي عندهما، الى كسب غنيمة والحاق ضرر!
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
|
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|