|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
||||
|
||||
بحب السيما.. صرخة لا تستحق المشاهدة
بحب السيما.. صرخة تستحق المشاهدة GMT 11:00:00 2005 السبت 4 يونيو بلقيس حميد حسن -------------------------------------------------------------------------------- "أنا بحب السيما .. معناه أنا بحب الحرية أيضا.. وهذا الفلم الذي أثار ضجّة كبيرة ،ستكتشفون بعد أن تشاهدوه أن لا ضرورة أو مبرّر لكل ما حدث وقيل عنه".... قال هذا المخرج المصري أسامة فوزي لجمهور قاعة العرض المحتشد في أحد صالات مدينة روتردام الهولندية التي احتضنت فعاليات مهرجان الفلم العربي. يتحدث فلم" أنا بحب السيما" عن أسرة مسيحية قبطية, مثـّل دور الأب فيها الفنان محمود حميدة ومثل دور الأم الفنانة الجميلة ليلى علوي، والموضوعة التي أثارها الفلم تتمحور في جدلية الحب والخوف عند رجل يتعصّب دينيا،حدّ تحريم الكثير من الأشياء خوف ارتكاب المعصية،وخوفا من الجحيم الذي يرهب به أطفاله كل حين ،وفي هذا الصراع تظهر مشاكل عدة تكون عبرها الحياة العائلية صعبة ومعقدّة،ومنغَّصة. فهو يرى حتى صلته الزوجية محرمة وغير مجدية بل ورجس شيطاني أن هي تجاوزت ا لغرض الديني من الزواج المتمثل بالإنجاب والتكاثر, وهكذا يفهم المتعصبون دور المرأة الذي يتلخص بالحث على المعاصي, وقد رسخت بأذهانهم قصة آدم والتفاحة , فالجنس معصية ما لم يكن لغرض الإنجاب, أما ما قيل في الكتب المقدسة من راحة وسكن للإنسان فلازال الإيمان به ليس مكتملا ويلفه شيء من الجدل والغموض, حتى عندما يراد الزواج يقال للمرأة أو الرجل لابد من تكوين عائلة بل أن نجاح العلاقة مرهون بالإنجاب كشرط غير معلن شرعا, ومعلن تقليدا, وهنا نرى كعادة المتطرفين تكون النظرة الدونية للمرأة هو نهاية مؤكدة لكل ما يفكرون به. ويحرّم المتطرف في الفلم على نفسه وأهله مشاهدة التلفاز،والذهاب إلى السينما، الأمر الذي لا يطيقه ابنه الأصغر المفتون بالسينما، والذي اختلس مرات قليلة صحبة خاله دخول مبنى العرض السينمائي الذي يتجسد أمام عينيه كما لو انه الجنة،بكل تفاصيلها،حدا تصبح فيه تذاكر الدخول إلى السينما صكوكا للغفران، ويصبح قاطعها رضوان. لم يكن الطفل حين ذهابه إلى الكنيسة ليرى أجنحة الملائكة تخفق , ولن يستطيع أن يستحضرها رغم كل تماثيل القديسين , لكن حبه للفن المتمثل بالسينما جعل لقاطع التذاكر في خيال الطفل أجنحة ملائكية , وكاد عمال السينما الطيران وهم يتحركون بين المشاهدين باعثين أنوارهم , مرفرفين بأجنحتهم. وهنا لابد من الاعتراف للمؤلف والمخرج بقدرة هائلة على إعطاء صورة البياض والنبل للفن ولعشاقه الحقيقيين, صورة لا تشوبها أية شائبة فتعلق الطفل على نقائه بذاك المكان جعل النقاء متبادلا بين الفن والطفل , لتتكشف الحقائق للبراءة , وللبراءة فقط, إنه صدق الطفولة وعشقها الحقيقي عند طفل لم يلوث بعد....... الفلم يستعرض حالة إنسانية غير مرتبطة في واقع حضورها بزمان أو مكان، بل هي رصد دقيق لتفاصيل التطرف والغلو في الديانات،وتأثيراتها السلبية على المجتمعات حين تكون السلطة هي مقياس الحرية والراعي لها،وهذه السلطة مرّت في مراحل الفلم بعدّة أوجه؛ سلطة الأب وسلطة الكنيسة وسلطة المدرسة وسلطة الدولة. وهنا لابد أن يواجه الفلم اعتراضات كثيرة - غير مبررة بالطبع- لأنه تجاوز خطوط المحرمات في ثالوثها ( الدين،الجنس، السياسة).وهي جميعها، تابوات ،يخرج البطل عليها في نهاية الفلم دون تردد ليكسر حاجز الخوف في صرخة تفصح عن صراع بين ذات محبّة للحياة مصطدمة بذات الوقت بحواجز وموانع دينية كثيرة .لذا لن يكون مستغرَبا تعرض هذا الفلم لحملات تطالب بمنعه وسحب ترخيصه،فهو يخاطب الوعي العالي لدى المجتمع ولا يخترق هذا الثالوث برخيص الأسباب، بل يسعى إلى تشخيص علل في مفردات مجتمعية بحسّ فني رفيع. أما السلطة التي تشوه ذواتنا وفطرتنا أكثر من السلطات التي ذكرناها , فهي سلطة التقاليد التي يتم الخضوع لها بشكل مطلق وكمصير لا يمكن استبداله , إذ تستطيع الشعوب أن تهد عروش جبابرة وطغاة لكنها للأسف تتغاضى عن أن تحرك ساكنا أمام سلطة تقليد بال ومتخلف, وها أننا نرى أن هذه السلطة تضعف أو تقوى عند المرء حسب ظرفه الشخصي , فحينما يكون قويا كأن يكون غنيا وآمنا ولديه ضمانات يواجه بها صعوبات الحياة , يجرأ ويحاول كسرها, وحينما يضعف تقوى هذه السلطة المتخفية تحت ثيابنا , أو المعششة بعقولنا , فهاهي الزوجة بعد وفاة زوجها حين يدخلها الحزن والضعف والإحساس بمسؤولية الأسرة , نراها ترفض الزواج على صغر سنها ورغم إعجابها الشديد بالرجل المتقدم لها, وتركض لحرق لوحاتها , وكأن كل هذا خطايا ستلحق بها لتعرقل حملها الثقيل الذي تركه لها الزوج.الحرمان هنا رشوة للمجتمع تحاول المرأة بها استبعاد ما سوف يلحقها من أذى وهي الضعيفة العزلاء... فلم" بحب السينما" خطوة متقدمة تكشف الوجه الآخر من "اللوحة" التي جاهدت بطلة الفلم (الأم) على إخفائها كوجه آخر،لأنها تصوّر موديلا عاريا،هو في الحقيقة،الذات المتخفية لفنانة ممنوعة من الرسم، تنهض في آخر لليل لتمارس الرسم كما لو إنها تخون. إن ظهور العمل الفني بصيغة المحرم والممنوع هو صفة من صفات هذا العصر المتطرف(وأنا أتحدث عن هذا الواقع أتذكر أيضا الحديث عن الزمن العراقي الآن،وحجم المخبوء منه،وإمكانية معالجة هذا سينمائيا). ثمة لغة ومفردات سينمائية دقيقة حاول المخرج ضمنها الركض في نفق الممنوع سعيا خلف الضوء.وهو دعوة جريئة لمواجهة الذات،فعبر هذه المواجهة أتضح للأب انه يخادع نفسه حين يضعها في مكان غير مناسب،وهي دعوة ما أحوج المجتمعات ككلّ لها، من اجل مواجهة تيارات التشدد والتطرف التي تدفع العالم صوب الخراب. إن رسالة هذا الفلم تتجاوز الحاضر إلى مستقبل أجمل تـُنال فيه الحرية وتحترم كهدف إنساني أول،وما الشمس التي غربت في نهاية الفلم إلا رمزاً ودلالة على إشراق وحضور جديد لضوء آخر. أخيرا هناك سؤال يسأله حتما كل من شاهد الفلم , وهو لو أن الفلم تحدث عن عائلة مسلمة بدل العائلة المسيحية المصرية, ترى هل سيرى الفلم نور العرض وهل سينجو المؤلف والمخرج وممثلو الفلم من القائمة السوداء؟؟ balkis.h@wanadoo.nl |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|