|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
الأوقاف القبطية ملف ملئ بالهموم
تعتبر مشكلة الأوقاف القبطية من الملفات الشائكة في علاقة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالحكومة المصرية و ذلك نظرا لأن هذا الملف يمثل منطقة صراع ليس بين الكنيسة و الحكومة فحسب , و إنما أيضا تدخل هيئة الأوقاف المصرية (الإسلامية) كطرف أخر في الصراع نظرا لوجود العديد من الأوقاف المتنازع عليها بين الكنيسة ممثلة في هيئة الأوقاف القبطية و هيئة الأوقاف المصرية التابعة لوزارة الأوقاف و هي التي تعني بالوقف الإسلامي. و المقصود بالوقف هو منع التصرف في ممتلكات معينة(تسمي العين الموقوفة) و التي قد تكون أراضي زراعية أو عقارات أو ما شابه ذلك مع أعطاء ريع هذه العين (المكسب السنوي) لجهة الوقف التي تنفق هذا الريع في مجالات غير هادفة إلي الربح مثل الأعمال الخيرية و تمويل بيوت العبادة . و إذا بحثنا في التاريخ القبطي فللأسف لا توجد سجلات دقيقة أو كافية تحدد الأوقاف القبطية نتيجة ظروف سياسية معينة في نهايات القرن التاسع عشر أدت إلي هذا الوضع حيث جرت أول المحاولات علي يد المجلس الملي حيث تنص المادة التاسعة من لائحة المجلس الملي الصادر عام 1888علي تشكيل لجنة تكون مهمتها كما وردت في نص القانون هي (حصر جميع الأوقاف الخيرية الموقوفة على الكنائس والأديرة والمدارس , و أدارتها و تقديم بيانات رسمية بقيمة المدخرات المالية والنقود التابعة لتلك الأوقاف وكيفيه الصرف و الإيداع الداخل والخارج ومراجعة الحسابات للإيرادات والمصروفات الخارجة والداخلة من وإلى الأوقاف وحفظ الزائد من الإيرادات بخزينة البطريركية , والإشراف على إدارتها بما يؤول منه تحسين حالتها ) . و لكن حينما قامت اللجنة المشكلة من المجلس الملي في عهد البابا كيرلس الخامس عام 1889 بفحص ملف الأوقاف القبطية وجدت العديد من التجاوزات في كيفية إدارة الأوقاف القبطية ترجع في أساسها إلي أن روساء الأديرة في ذلك الوقت لم تكن لديهم الخبرات التجارية و الحسابية لإدارة رأس المال و كتبت تلك اللجنة تقرير ينتقد بعض روساء الأديرة و خلصت في تقريرها إلي أن الأوقاف القبطية لا تستغل أحسن استغلال مما أدي إلي وجود أزمة بين جيلين في هذا الوقت , الجيل الأول هو جيل الآباء الأوائل من روساء الأديرة و أمناء الوقف و الجيل الثاني هو الجيل الذي تربي في المدارس الإنجليزية و الفرنسية التي ظهرت في مصر في هذه الفترة ممن يمتلكون المعرفة العلمية المبنية علي أسس سليمة و تجدر الإشارة إلي أن معظم أعضاء اللجنة المشكلة لدراسة ملف الأوقاف القبطية كانت تنتمي إلي الجيل الثاني , و حينما احتدم الصراع بين اللجنة و روساء الأديرة أنهي البابا كيرلس الخامس هذا الخلاف عن طريق تجميد المجلس الملي و اللجان المشكلة عنه و هكذا لم يتح الوقت لتسجيل الأوقاف القبطية في هذه الفترة . و بعد ذلك بعدة أعوام و بالتحديد عام 1905 تأتي محاولة جديدة لحصر و تسجيل الأوقاف القبطية و هي المحاولة التي قام بها (جرجس حنين بك ) الذي كان رئيس مصلحة الأموال المصرية و التي كان من ضمن مهامها حصر و تسجيل الملكيات الزراعية والعقارية و المالية في مصر و أستغل جرجس بك فرصة إطلاعه علي الوثائق الحكومية الخاصة بالملكية في مصر و قام بجهد فردي بحصر و تسجيل جميع الأوقاف القبطية في مصر و أكتشف عشرات بل مئات من الأوقاف المنسية من عقارات و أراضي زراعية و مدارس قدرت قيمتها في هذا التاريخ بما يقترب من المليونان من الجنيهات المصرية و هو مبلغ هائل بمقاييس اليوم . و في عام 1953 و مع قيام الثورة المصرية التي كان من ضمن أهدافها " إلغاء الإقطاع " قامت الحكومة المصرية بإلغاء الأوقاف الأهلية مما كان ينذر بتفجر الصراع بين الكنيسة و الحكومة غير أن الحكومة سرعان ما عادت و تداركت خطأئها عام 1960 حين أصدرت القانون رقم 264 لسنة 1960 الخاص بإنشاء هيئة الأوقاف القبطية و تبعته بالقانون رقم 265 الخاص بإنشاء هيئة الأوقاف الإسلامية غير أن هذا القانون و لائحته التنفيذية حفلت بالعديد من السلبيات نذكر منها أنه لم يكن من الجائز قانونا أن يمتلك أحد الأديرة أرض زراعية أكثر من مائتي فدان بالرغم من أن معظم الأديرة كانت تمتلك مساحات هائلة من الأراضي الزراعية و نذكر مثال علي ذلك أحد الأديرة بمركز ناصر بني سويف الذي كان يمتلك أكثر من ألف فدان و لكن تمت مصادرة ما يقترب من الثمانمائة فدان منهم . و لكن صدر هذا القانون بعد سبعة أعوام من قيام الثورة و في تلك الفترة تم الاستيلاء علي العديد من الأوقاف القبطية حيث لم يكن هناك قانون يقنن وجودها . مما أدي أي قيام الأنبا دوماديوس و المقدس أسحق إبراهيم عضو المجلس الملي في هذا الوقت برفع دعوى قضائية لإعادة استرداد الأوقاف القبطية و ظلت تلك الدعوى متداولة في المحاكم المصرية لأكثر من ثلاثين عام حتى تم الحكم فيها بأحقية هيئة الأوقاف القبطية في تلك الأوقاف , و الشئ المثير للدهشة هو عدم أعادة أرباح هذه الأوقاف طوال سنوات تداول القضية إلي هيئة الأوقاف القبطية بالرغم ملكيتها لها بحكم القانون و تلك الأموال التي هي حق أصيل لهيئة الأوقاف القبطية ليست بالشئ الهين إذا وضعنا في الاعتبار أن العائد السنوي الحالي للأوقاف الإسلامية يبلغ خمسة عشر مليار جنية , كما حدثت أيضا عمليات استيلاء غير قانونية علي أوقاف بعض الأديرة في تلك الفترة و منها علي سبيل المثال الاستيلاء علي أراضي شاسعة من دير البراموس في الدلتا لإنشاء مدينة ميت أبو الكوم الجديدة بدون أن يتم شراء تلك الأرض من الدير أو حتى تعويضه عنها . و في عام 1996 و حينما بدأت الحركة القبطية العالمية في الظهور و نتيجة تغيرات إقليمية أدت إلي تسليط الضوء علي قضايا الأقليات في العالم العربي , أصدر الرئيس حسني مبارك قرار جمهوري رقم 33 بتشكيل لجنة مكونة من ممثلي هيئة الأوقاف المصرية و ممثلي هيئة الأوقاف القبطية لبحث المشاكل المتعلقة بالأوقاف القبطية و بدأت هذه اللجنة في ممارسة عملها في دراسة مطالب هيئة الأوقاف القبطية و فعلا تحققت بعض المكاسب في أعادة بعض الأوقاف القبطية إلي هيئة الأوقاف القبطية مرة أخري غير أن اللجنة وقعت في نفس الخطأ الذي وقعت فيه حكومة الرئيس جمال عبد الناصر حيث أن تلك اللجنة لم تصرف عائد تلك الأوقاف طوال أربعين عام و إنما فقط حكمت بإعادة أصل الوقف فقط . و من المفارقات الغريبة في طريقة عمل تلك اللجنة هو أن اللجنة حينما كانت تجد وقف قبطي غير مسجل و بلا مستندات علي أحقيته تقوم بتقسيم هذا الوقف مناصفة بين هيئة الأوقاف الإسلامية و هيئة الأوقاف القبطية غير أن الشئ المثير للحيرة هو عدم السماح لتلك اللجنة بدراسة الأوقاف الإسلامية و تقسيم أي وقف إسلامي ليس له عقود ملكية كما فعلت مع الأوقاف القبطية مع الأخذ في الاعتبار أن الأوقاف الإسلامية تبلغ 350 ألف فدان من أراضي الوقف الخيري، إضافة إلى 500 ألف فدان من أراضي الوقف الأهلي و بالطبع لا توجد مستندات ملكية لنسبة لا بأس بها من تلك الأوقاف مما يستدعي تقسيم الأوقاف مجهولة الملكية بين هيئة الأوقاف الإسلامية و هيئة الأوقاف القبطية ولكن يبدوا أن تلك المادة من القانون لا تسري الأ علي الأوقاف القبطية مجهولة الملكية فقط . و لكن بشكل عام يصف الخبراء في شئون الأوقاف القبطية تلك اللجنة بأنها أعادت ما يقرب من نصف الأوقاف القبطية غير أننا نأمل في استكمال تلك اللجنة لعملها - و هي لم تنعقد منذ فترة طويلة لأخطاء إجرائية في القانون المنظم لعملها - في فحص بقية الطلبات المقدمة من هيئة الأوقاف القبطية . و الآن مازال ملف الأوقاف القبطية ملئ بالهموم حيث أصبحت عملية وقف الأراضي الزراعية أو المنشآت في الفترة الحالية عملية صعبة و مرهقة و تؤدي إلي العديد من المشكلات حيث انه بمجرد وضع أسم جهة الوقف سواء كانت كنيسة أو دير علي أي مبني أو قطعة أرض زراعية تسري الشائعات كالنار في الهشيم بأن الأقباط سوف يقيمون كنيسة في هذا المكان و تتدخل هنا قوات أمن الدولة لتمنع استغلال هذا المكان بحجة الدواعي الأمنية و تمر العديد من السنوات بدون أي استغلال للعين الموقوفة بحجة الحفاظ علي السلام الاجتماعي . نخلص من ذلك إلي أن ملف الأوقاف القبطية لازال يحتاج إلي المزيد من الجهود الحكومية من أجل أعادة بقية الأوقاف القبطية إلي هيئة الأوقاف القبطية وسن القوانين التي من شأنها تسهيل عملية الوقف . |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|