في الشان الجمالي للتوريث

[honeyweill]

ماذا وراء الزيارة؟!
تفاصيل ما جري خلال لقاءات السيد جمال مبارك مع مسئولي الإدارة الأمريكية
بقلم : مصطفي بكري
تساؤلات يطرحها الشارع المصري:
لماذا جاء الإعلان عن الزيارة من واشنطن؟ ولماذا أصرت مصر علي سريتها؟
لماذا لم يصطحب جمال مبارك معه وفدا من المختصين وكبار المسئولين؟
هل للزيارة علاقة بما يتردد عن خلافة جمال مبارك لوالده؟
¼ جمال مبارك يستعرض مسيرة الإصلاح ويحدد مواقف مصر من الأزمات الراهنة في المنطقة
¼ مستشار الأمن القومي الأمريكي يؤكد: الإدارة تتعرض لضغوط بسبب بطء الحكومة المصرية في عملية الإصلاح

يوم الجمعة قبل الماضي كان موعد الحدث في البيت الأبيض.. في تلك اللحظات تحديدا كانت مراسلة قناة الجزيرة في واشنطن 'وجد وفقي' موجودة داخل المركز الصحفي بالبيت الابيض.. وعندما خرجت لاستطلاع الاحوال داخل القصر أخذتها المفاجأة، فقد شاهدت السيد جمال مبارك نجل الرئيس والأمين العام المساعد للحزب الوطني الحاكم ومعه سفير مصر في واشنطن السيد نبيل فهمي يمضيان الي داخل القصر..
لم تتمكن 'وجد وفقي' في هذا الوقت من الاستفسار أو معرفة شيء، فقد كان مجرد ارسال الخبر يعد سبقا صحفيا.. فالزيارة لم يعلن عنها، ويبدو أن الامور كانت ستمضي بهذا الاتجاه لولا هذا الفضول الذي استدعي السيدة 'وفقي' لان تخرج من المركز الصحفي إلي الخارج لتجد هذا المشهد غير المتوقع في مواجهتها.
وكالة رويترز بثت هي الأخري تقريرا بعد أن سربت وجد وفقي الخبر إلي قناة الجزيرة قالت فيه ان زيارة السيد جمال مبارك للبيت الأبيض كان يقصد لها أن تكون سرية لولا أن صحفية شاهدته هناك فجري الكشف عنها!!
هناك من يقول في المقابل إن الأمر لم يكن مصادفة أو مجرد مشهد مفاجئ، بل إن واشنطن تعمدت تسريب الخبر إلي الجزيرة والواشنطن بوست تحديدا إما لاحراج السيد جمال مبارك كما هي عادة الامريكيين واما أنها ارادت ان تبعث برسالة لبعض عناصرها داخل مصر وبعض المتشددين داخل الادارة الامريكية من انها لن تسكت امام ما تسميه بالتجاوزات الصارخة للنظام في حق الديمقراطية والاصلاح!!
في كل الاحوال فبعد ان كشفت الجزيرة الخبر خرج المتحدث باسم مجلس الامن القومي الأمريكي 'فريديريك جونز' ليقول: إن جمال مبارك كان في زيارة سريعة إلي واشنطن لم تتعد 48ساعة (الخميس والجمعة) وطلب تحديد موعد للقاء مستشار الامن القومي 'ستيفن هادلي' واكد ان لقاء هادلي مبارك حضرته وزيرة الخارجية كونداليزا رايس ولقي ترحيبا من الرئيس بوش الذي توقف في مكان اللقاء وتحدث باختصار مع جمال مبارك وحمله تحياته الي نظيره المصري الرئيس حسني مبارك.
اما المتحدث باسم البيت الابيض فقد اكد لجريدة الحياة اللندنية ان لقاء الرئيس جورج بوش بالسيد جمال مبارك يوم الجمعة (قبل الماضي) جاء بصفته نجل رئيس دولة صديقة وحليفة للولايات المتحدة، واشار إلي ان اجتماعات مبارك مع مسئولين امريكيين في مقدمتهم نائب الرئيس ديك تشيني تطرقت الي موضوع التظاهرات التي جرت اخيرا في القاهرة مما اثار اعتراضات واشنطن علي العنف الذي مارسته اجهزة الامن ضد المتظاهرين.
صحيفة الواشنطن بوست من جانبها اكدت ان ديك تشيني نائب الرئيس الامريكي اجتمع مع السيد جمال مبارك قبل لقاء الاخير مع 'ستيفن هادلي'.
وقال: 'بيتربيكر' مراسل الواشنطن بوست في 'البيت الابيض' ان السيد جمال مبارك ابلغهم ان زيارته خاصة تهدف الي تجديد رخصة الطيران الخاصة بطياره الخاص، وراحت الصحيفة تعد تقريرا لا يخلو من دلالة سياسية حيث وصفت السيد جمال مبارك بانه الوريث المحتمل لوالده مشيرة إلي أن الرئيس مبارك تخلف عن زيارة واشنطن هذا العام ايضا رغم انه اعتاد علي زيارتها منذ انتخابه في عام 1981 في ربيع كل عام.
وذكرت الصحيفة الامريكية وثيقة الصلة بالبيت الابيض ان آخر زيارة لمبارك الابن لواشنطن كانت في عام 2003 قبل الغزو الامريكي للعراق حيث قالت إن الادارة الامريكية طلبت منه ابلاغ والده بنيتها شن الحرب علي العراق وان يبلغ والده بعدم المعارضة!!
وفي القاهرة صدر عن امانة السياسات بيان اعلنه السيد محمد كمال عضو هيئة المكتب الذي ابدي دهشته من ردود الفعل وقال لا يوجد وجه للغرابة في لقاءات السيد جمال مبارك مع المسئولين في الادارة الامريكية واعضاء الكونجرس حيث يمثل منصبا قياديا بالحزب الحاكم وان هذه اللقاءات جاءت في اطار زيارة خاصة وليست سرية موضحا انه لاعلاقة للزيارة بأي عمل رسمي.
في كل الاحوال كان الخبر مفاجأة للمصريين جميعا بل ولكافة المراقبين والمعنيين بشئون السياسة المصرية فالزيارة لم يكن معلنا عنها وهي جاءت في توقيت هام حيث تزايدت حدة التوتر مؤخرا بين الولايات المتحدة ومصر علي خلفية التدخل الامريكي المباشر في الشئون المصرية ورفض القاهرة ارسال قوات عسكرية الي العراق أو السماح باقامة قواعد عسكرية مباشرة علي أرض مصر، ناهيك عن خلافات متعددة حول بعض الملفات الساخنة الاخري.
هذه الامور وغيرها ربما هي التي دفعت بالرئيس مبارك إلي الاعتذار عن عدم زيارة الولايات المتحدة للعام الثالث علي التوالي وهو أمر كان ايضا مثار تحليلات وأطروحات من كثير من المراقبين وكل كانت له رؤيته ومعلوماته.

[honeyweill]

واكد السيد جمال مبارك في هذا الاطار انه وبمجرد الانتهاء من اعداد قانون مكافحة الارهاب فسوف يتم الغاء حالة الطوارئ في البلاد.
وحول بعض القضايا المثارة والمتعلقة بما تسميه واشنطن بحقوق الاقليات اكد جمال مبارك ان الدستور المصري يضمن حرية الفكر والعقيدة دون عوائق ويرفض التمييز، واشار في هذا الاطار إلي قرب صدور قانون موحد لبناء دور العبادة مؤكدا انه لا يوجد طلب واحد خاص ببناء كنائس أو ترميمها لم يتم البت فيه خلال 72 ساعة علي الاكثر.
واشار جمال مبارك إلي ان هناك اجراءات قادمة سوف تؤدي إلي مشاركة سياسية فاعلة للاقباط وللمرأة في الانتخابات.
وتعرض جمال مبارك في حديثه مع المسئولين الامريكيين عن رؤية مصر للاوضاع الاقليمية الراهنة وأوجزها علي النحو التالي:
الرئيس مبارك مستعد للمساهمة في دفع العملية السياسية في العراق الا أن بلاده ترفض ارسال قوات مصرية عسكرية الي هناك.
مصر تواصل اتصالاتها مع حكومة حماس للوصول إلي نقاط اتفاق تدفع بحماس الي الاعتراف بالاتفاقات الدولية خاصة اتفاقية اوسلو الا أن مصر تري أن الضغط علي حماس وتجويع الشعب المصري ومحاولة افساد الاوضاع علي الساحة الفلسطينية من شأنه ان يقود إلي تصاعد لغة العنف مجددا علي الساحة الفلسطينية.
إن ارسال قوات دولية إلي دارفور قد يدفع بعناصر الجماعات المتشددة الي شن حرب عصابات علي نمط ما يجري في افغانستان والعراق وان ذلك يمكن ان يقود هذه القوات الي الدخول في مستنقع جديد لن تستطيع الخروج منه بسهولة.
إن مصر ضد اي سباق نووي في المنطقة وتري أن الحل الموضوعي لهذا المشكل يتطلب العودة إلي مبادرة الرئيس مبارك باخلاء المنطقة من اسلحة الدمار الشامل.
إن مصر تري ضرورة تخفيف الضغوط التي تمارس علي سوريا في الوقت الراهن، أن الحل ليس في فرض المزيد من العقوبات وانما بتهيئة المناخ لعلاقات طبيعية بين سوريا ولبنان خاصة وأن سوريا أبدت الكثير من المواقف التي تؤكد التزامها بالشرعية الدولية واحترام القانون.
وفي مقابل ذلك كانت مواقف واشنطن فيها بعض من التفاهم وكثير من الاختلاف.. ويمكن تلخيص الموقف الامريكي الذي استمع اليه السيد جمال مبارك علي الوجه التالي:
ان الإدارة الأمريكية غير راضية علي بطء الحركة باتجاه الإصلاح وانها تطلب من مصر الاسراع بتعديل القوانين وتنفيذ الأجندة التي تعهد بها الرئيس مبارك سابقا بما يضمن حدوث توافق جماعي علي الساحة المصرية.
ان واشنطن فوجئت باستمرار حالة الطوارئ لمدة عامين آخرين وهو أمر يناقض تعهدات الرئيس مبارك التي تضمنها برنامجه الانتخابي.
أن تأجيل إجراء انتخابات المجالس المحلية مدة عامين يعطيها مؤشرا سلبيا حول قوة الدفع الديمقراطي في البلاد، مما يستوجب العودة سريعا إلي مبدأ إجراء الانتخابات.
ان الإدارة الأمريكية تواجه ضغوطا عنيفة من دوائر الكونجرس وأطراف ضاغطة داخل المجتمع الأمريكي تطالب بوقف المعونة والتدخل المباشر لاجبار مصر علي تبني أجندة الاصلاح وهو أمر تستوجب مراعاته علي وجه السرعة خاصة

[honeyweill]

وأن الإدارة الأمريكية استنفذت كافة حججها في هذا السبيل، وان استخدام العنف واعتقال المتظاهرين كان لهما ردود فعل سلبية في هذه الدوائر مؤخرا.
ان الإدارة الأمريكية تطلب وقف تدخل الحكومة المصرية في شئون القضاء ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب بما يتيح لهذه القوي ممارسة حقوقها السياسية والنقابية في أجواء صحية.
الإدارة الأمريكية تطالب بإجراء تعديلات دستورية فاعلة وحقيقية تضمن انتخابات رئاسية وبرلمانية وشعبية حرة، خاصة بعد أن ثبت ان تعديلات المادة 76 من الدستور لم تحقق الأهداف المرجوة منها.
ان واشنطن تتابع بقلق حالة حقوق الإنسان وأيضا أوضاع الاقليات في مصر وتطلب من الحكومة المصرية ردودا مقنعة علي الشكاوي العديدة التي تتلقاها جهات دولية وأمريكية ومصرية في هذا الصدد.
أن الإدارة الأمريكية تري ان علي مصر القيام بدور أكثر فاعلية فيما يتعلق باقناع حكومة حماس بالاعتراف بإسرائيل والتخلي عن العنف وتفكيك البنية التحتية للإرهاب وان عليها أيضا إعادة بحث موضوع ارسال قوات مصرية إلي العراق للمساعدة في ترسيخ الأمن والاستقرار هناك.
ان الرئيس بوش يطلب من الرئيس مبارك التوقف عن الاعتراض علي ارسال قوات دولية إلي دارفور خاصة بعد فشل الحكومة السودانية وقوات الاتحاد الأفريقي في تحقيق الأمن والاستقرار وضمان حياة السكان في دارفور.











تلك كانت أبرز القضايا التي بحثها السيد جمال مبارك خلال زيارته لواشنطن ولكن يبقي في ذلك العديد من التساؤلات المهمة..
لماذا كان اصرار الإدارة المصرية علي أن تبقي هذه الزيارة سرية وإن كشف النقاب عنها جاء من واشنطن وليس عبر الحكومة المصرية؟
مادام السيد جمال مبارك حمل معه ملفات هامة إلي هذا الحد، لماذا لم يصطحب معه وزير الخارجية مثلا أو أيا من كبار المسئولين المصريين؟ فالأمر هنا سيكون مختلفا، فاللقاءات أردنا أو لم نرد هي لقاءات رسمية تمت خلالها مناقشة الملفات الساخنة ومن ثم كان يجب أن تكون الدولة المصرية بمؤسساتها المختلفة حاضرة إلي جوار السيد جمال مبارك، حتي لا يصور الأمر كما صور وتحصر القضية في أن السيد جمال مبارك ذهب ليقدم نفسه وليفتح الطريق أمام خلافته لوالده، وهو أمر غير صحيح، وهذا الملف لم يتم التطرق إليه وفقا للمعلومات.
بقي أخيرا القول: إن الزيارة التي أثارت ضجة كبري، كانت في حاجة إلي اخراج مختلف برؤية مغايرة.. ولكن يبدو أن العشوائية ستبقي هي المسيطرة دوما علي أدائنا السياسي في مرحلة تعد من أخطر المراحل في تاريخ مصر المعاصر.



--------------------------------------------------------------------------------

http://www.elosboa.com/elosboa/issues/478/1000.asp
موقع الاسبوع الذي نشر الموضوع عن مصطفي بقري في شان جمال مبارك زيارته لامريكا
نقل
حماده المصري