مؤتمر الأقباط
أمينة النقاش
أيا كانت وجاهة المبررات التي دفعت السفير المصري في واشنطن نبيل فهمي، وبعض المسئولين في القاهرة إلي رفض تلبية دعوة أقباط المهجر لحضور مؤتمرهم الأخير في العاصمة الأمريكية، فأظن أنها مبررات جانبها الصواب0 وصحيح أن مشاكل الأقباط هي قضية داخلية، كان من الأفضل مناقشتها علي أرض الوطن، لكن الصحيح أيضا أن هناك نحو 6 ملايين قبطي خارج مصر، يتابعون ما يجري داخلها علي صعيد الوحدة الوطنية، عبر إعلام غير محايد في معظم الأحوال، كما أن الشجاعة تقتضي الاعتراف بأن الملف القبطي منذ الصعود المتنامي لتيار الإسلام السياسي بات مليئا بالتعقيدات، وأن العلاقة بين الأقباط والمسلمين تتعرض في السنوات الأخيرة لقدر هائل من التوترات الطائفية التي تنذر بانفجارات غير محسوبة، وأن الوحدة الوطنية أصبحت عرضة للتآكل0
لهذه الأسباب ولغيرها، كان من الأدعي للسفير نبيل فهمي أن يشارك في أعمال المؤتمر، لكي يطرح وجهة النظر الرسمية، ويرد علي الاتهامات والمبالغات أن وجدت، ويصحح المعلومات إن تطلب الأمر ذلك، وقبل هذا وذاك أن ينهي القطيعة بين أقباط المهجر والسلطة التنفيذية في مصر ويمد الجسور المباشرة بينهما، لنقل الملف القبطي إلي مجال الحوار العقلاني، الذي يستهدف وحدة الوطن ويصون حقوق مواطنيه، ويبتعد عن شبهة الاستقواء بالخارج لممارسة الضغوط علي الداخل0
علي أية حال المؤتمر الذي عقد تحت عنوان دعم التحول الديمقراطي في مصر للمسلمين والمسيحيين، أنهي أعماله السبت الماضي، بعد أربعة أيام من المناقشات التي شارك فيها مفكرون مسلمون وأقباط من الداخل والخارج، وهو يعد الثاني بعد المؤتمر الأول لأقباط المهجر الذي عقد في زيورخ بسويسرا العام الماضي0
التوصيات التي انتهي إليها مؤتمر واشنطن تتماثل مع نظيرتها في مؤتمر زيورخ، ولا أظن أن أحدا يختلف معها أو عليها0 فقد أوصي المؤتمر بإلغاء القوانين المقيدة للحريات والقيود المفروضة علي حرية التعبير، وإطلاق حق إصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وتأسيس الأحزاب السياسية غير الدينية، وتغليظ العقوبة علي التحريض ضد الأديان و علي الاعتداء علي دور العبادة، وإصدار قانون موحد يساوي بين المصريين في بنائها، وإعلاء مبدأ المواطنة وإنهاء التعامل الأمني مع الملف القبطي وتأسيس أقسام للدراسات القبطية بالجامعات، واتباع سياسات لمعالجة تهميش المرأة والأقباط بالأخذ بمبدأ التمييز الإيجابي بنسب مئوية ملائمة من المقاعد البرلمانية والمناصب القيادية0
من التوصيات اللافتة للنظر دعوة المؤتمر إلي إلغاء كل ما يشير إلي الهوية الدينية من المستندات الرسمية، واقتصار ذلك علي ما يتطلبه القانون في معاملات الأحوال المدنية، وتأكيد الطبيعة المدنية للدولة بالفصل بين ما هو سياسي وما هو ديني، وهو المطلب الذي ينطوي علي دعوة لإعادة النظر في المادة الثانية من الدستور التي تنص علي أن دين الدولة هو الإسلام، ولعل النص الذي اقترحه الدكتور إبراهيم شحاتة لهذه المادة والذي يقول «أن الإسلام دين غالبية سكان الدولة، وتنهض الدولة علي رعاية القيم العليا للدين»، أن يحل هذه المعضلة، ويمنع من توظيف الدين في السياسة ويؤكد علمانية الدولة0
اقترح علي السفير نبيل فهمي، أن يدخل حوارا مع المسئولين عن مؤتمر واشنطن، لكي تعقد الدورة القادمة له في القاهرة، إذا كنا نريد حقا أن تكون الإرادة الوطنية، هي الطريق الوحيد لبحث مشاكلنا الشائكة0
لو كنت مكان محمد عهدي فضلي رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم، لطالبت الزميل ممتاز القط رئيس تحريرها، بتسديد ثمن الإعلان الذي نشره في أخبار اليوم هذا الأسبوع عن سلطنة عمان، فهذا ليس حق القارئ والمؤسسة فحسب، بل هو حق قانون الصحافة 96 لعام 1996 الذي يمنع الخلط بين التحرير والإعلان، وحق ميثاق الشرف الصحفي، وحق التقاليد المستقرة لمهنة الصحافة، التي لا تحتاج إلي أي نصوص!
22-11-2005
النمط الخطي
