الأديرة القبطية ثروة كامنة تنتظر الأستثمار

[Dr Philip Hardo]

الأديرة القبطية ثروة كامنة تنتظر الأستثمار


في زيارتي الأولى لمصر مؤخرا مع مجموعة من المغتربين الأقباط من انكلترا تفاجئت وسعدت جدا بغنى الكنيسة القبطية الروحي والرعوي والتراثي. فخلال اسبوع من السفر المتواصل زرنا ما يزيد عن 15 ديرا وكنيسة بين القاهرة والبحرالأحمر. وما لفت انتباهي هو، الأحترام والتقدير المتميز الذي يكنه الأخوة الأقباط للرهبان والكهنة، ومكانة سيدنا البابا شنودة في القلوب وغنى الروحانيات والخشوع في الكنائس. كما كانت هنا حركة ترميم وبناء ملفتة للأنتباه، تظهر معالم الكنيسة القبطية العريقة. لكنني فوجئت بندرة السواح الأجانب رغم ان مصر هي بلد سياحي معروف. ففي سورية والأردن وتركيا مثلا هناك تشجيع متفاوت للسياحة الدينية لم المسه للأسف في مصر.

ففي احصائيات الأسرائيلية لعام 2008 أنه بحلول نهاية عام 2008 كان هناك زيادة في عدد السواح الاجانب 1.7 مليون نسمة -قد ترتفع الى 2.8 مليون نسمة في 2009-، ما يقرب من ضعف العدد الذي كان عليه في عام 2007 نسبة عالية منهم شملت السياحة الدينية. لذا أتمنى من الكنيسة القبطية تشكيل "لجنة لرعاية وتطوير االأديرة" تضم نخبة من رجال الدين بالأضافة الى إعلاميين Media وخبراء في إدارة الأعمال Marketing يجتمعون سنويا للتعاون والتنسيق والتواصل ايضا مع الخبراء في وزارتي السياحة والأعلام في مجالي التسويق والسياحة وذلك لوضع برنامج سياحي موحد وشيق أملا في استقتطاب نسبة مهمة من السواح المترددين الى الأماكن المقدسة في فلسطين بأن يتجهوا بعدها الى الأديرة القبطية العريقة وشواطئ البحر الأحمر.

ان تنشيط السياحة الدينية في مصر سيصبح مصدر دخلا وافرا لأقتصاد البلد وسيرفع ايضا من شهرتها السياحية عالميا لتنوع معالمها الفرعونية والقبطية والأسلامية.

ومن المفارقات الملفته للأنتباه التي وجدتها ايضا في زيارة الأديرة والتي أحزنتي كانت التفاوت الملحوظ في مستوى النظافة والترتيب والمرافق الصحية -WC- بين دير وآخر وأيضا بين بعض الكنائس لدرجة انها اثرت سلبا على جمال وقدسية ورهبة المكان. وكما ان بعض المكتبات الدينية في الأديرة كانت في حالة كبيرة من الأهمال والفوضى.

وهنا أود أن أطرح على "لجنة رعاية وتطوير الأديرة القبطية" المقترحة بعض الأفكار للمناقشة:

1. جمع المعلومات عن الأديرة في قرص الكتروني CD موحد وتوفيره في المكتبات الدينية من أجل الأعلام والتنوير.
2. انشاء موقع الكتروني مركزي ومشترك لجميع الأديرة القبطية.
3. تكوين هيئة خاصة لتوحيد الكتيبات والمطبوعات لتجنب التكرار.
4. التوعية المستمرة للزوار للعناية بنظافة الأديرة وترتيبها لكونها بيت الله على الأرض.

كما اتمنى من الكنيسة القبطية في الأغتراب - وخاصة في أمريكا- ان تبدي اهتماما اكبر لموضوع زيارة الأديرة القبطية التراثية وخاصة لأعمار الشباب وأولاد المدارس. ولمن يريد المساعدة في ترتيب زيارات الأديرة أو الكنائس في مصر يمكنه الأتصال بالمرنم جرجس فلتؤؤس- حي الزيتون، القاهرةjo_leer2006@yahoo.com. أو الأب سرابامون.

ومن الواضح ان دعم كنيسة الأغتراب سيفيد حتما في تقوية الأديرة وازدهار السياحة الدينية فتتطور الأديرة روحيا واقتصاديا وتراثيا. وأود ان أذكر ايضا هنا بعرفتي أن الكنيسة السريانية في الأغتراب نشطت منذ سنوات في اتصالاتها مع الكنائس المحلية وشكلت جمعيات أصدقاء أديرة السريان في طورعبدين-تركيا. فهناك مثلا:

1. ال ICO ومركزها النمسا: Initiative Christlicher Orient und Freunde des Turabdin
(راجع http://www.dioezese-linz.at/einrichtungen/ICO/index.htm)
2. والثانية في بريطانيا لربط ابرشية تشيتشستر مع أديرة طورعبدين السريانية وهي Chichester Friends of Tur Abdin
(راجع http://www.diochi.org.uk/index.cfm)

أولويات هذه الصداقات وأهدافها عديدة ومنها:
:
1. الترابط الرهباني لبناء لتقوية العلاقات بين الأديرة والكنائس (الأوروبية) والأديرة السريانية في تركيا.
.2 تقديم الدعم والتشجيع والحفاظ على اتصالات منتظمة بين الطرفين.
3. هدف التربية والتعليم الديني المتبادل وتعميق الروابط للتعرف على الثروات الهائلة والروحانيات واللاهوت في الكنيسة السريانية.
4. هدف اعلامي ديني محلي وعالمي.

وكسرياني سوري مهتم بالتراث الديني أتمنى من الكنيستين الشقيقتين السريانية والقبطية التعاون في هذا المجال. فالتآخي الكنسي المشترك عبر التاريخ أزدهر بأنتشار السريان في الماضي في انحاء مصر انشارا عظيماً وكما جاء ايضا بعض الرهبان الاقباط الى أديرة طورعبدين. وتاريخ الرهبنة يظهر لنا مدى التقارب الأخوي حيث نمت الرهبنة السريانية ووصل جماعة منهم الى دير السريان في وادي النطرون بصحراء مصر الغربية فاستوطنوه في واخر القرن الثامن حيث كانت العادة ان تستقبل اديرة مصر رهبانا ونساكا من جميع بقاع العالم فهى مهد الرهبنة ومنبعها الاصلى .. وظل الرهبان السريان بالدير الي القرن السادس عشر ولهذا اطلق على الدير اسم: "ديـــر السيدة العذراء – السريان". وترجع بداية هذا الدير للقرن الرابع الميلادى ويحوى كنيسة العذراء التى أقيمت فى القرن التاسع الميلادى وهى تحتوى على أحجبة خشبية منقوشة برسوم بارزة دقيقة وتعتبر من أقدر الأثار الباقية فى الدير وتحتوى كنائس الدير على رسوم رائعة تختص بتاريخ حياة أمن مريم العذراء. وقد شاهدت شخصيا بعض الكتابات السريانية والرسوم ذو الطابع السرياني في أكثر من دير خلال زيارتنا !لى مصر ليثبت هذا التلاحم الأخوي.

وتنامت علاقة السريان الأخوية بالاقباط عبر العصور الى درجةّ ان اربعة من السريان ارتقوا الى الرتبة البطريركية على كرسي الاسكندرية وهم: البطرريرك دميانوس الرهاوي في القرن السادس، والبطريرك سيمون الاول سنة 689، والبطريرك افرام ( 976 ـ 979 ) والبطريرك مرقس الثالث ( 1166 ـ 1189 ). ويظهر ايضا نفوذ اللغة السريانية في الطقس الكنسي للاقباط باستعمالهم كلمات سريانية كثيرة في صلوتهم وليترجياتهم.

لذا أرجو النظر ايضا في تشكيل "هيئة أديرة مشتركة قبطية-سريانية" من أجل تبادل الخبرات والأفكار في سبيل التنمية الروحية والكنسية والسياحية وأدعو قداسة البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية و بطريرك الكرازة المرقسية في مصر وسائر بلاد المهجر وإلى سيدنا البطريرك الكلي الطوبى مار أغناطيوس زكا الأول عيواص بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان ألأرثوذكس لدراسةهذه الفكرة ودعما حيث أن بعض الخبرات المتواجدة في الأديرة السريانية لم أجدها في الأديرة القبطية والعكس صحيح.

إنني واثق بأن تنشيط وتفعيل وترابط الأديرة سيكون له أبعاد ايجابية جمة على الكنيستين الشقيقتين حاضرا ومستقبلا

د. فيليب حردو
St Michael and Bishoy Coptic Church
Margate, Kent, UK

With best wishes