|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
صناعة الأشباح في مصر
في رائعة الرحابنة وفيروز "بياع الخواتم" ظل البطل "راجح" طيلة الوقت مجرد شبح، ولم يظهر إلا في المشهد الأخير، عجوزاً طيباً يبيع الخواتم للصبايا، خلافاً للشائعات التي صورته لصاً قاسياً يسرق "تحويشة عمر" سيدة مسنة وماعز فلاح فقير، ويهدد الآمنين. وحده "المختار" أو "العمدة" الذي كادت تقتله الحيرة إزاء ما يجري، لأنه باختصار كان من اخترع أكذوبة اللص الخطير "راجح" حتى يشعر أهل القرية بحجم تضحياته، وينغمسوا في الاهتمام بأمر "اللص الشبح"، بدلاً عن الخوض في أمر بقاء المختار في موقعه ولأن كل الخرافات تجد من يمتطيها، ويتربح من رواجها وانتشارها، فقد قفز بالفعل بعض أشرار القرية على تلك الأكذوبة، واستغلوا هوس العامة ورعبهم من الشبح الذي اخترعه المختار الماكر، وراحوا يسرقون وينهبون ويروعون الآمنين، وهكذا تحولت الخرافة إلى وقائع، وأصبح الشبح حقيقة، وبالطبع فإن "المختار" هو الوحيد الذي يملك الدليل على أن هناك أشراراً استغلوا "أكذوبة راجح" ليرتكبوا هذه الجرائم، لكنه أيضاً هو آخر شخص في العالم يمكنه أن يقدم على كشف الحقيقة، لأنه ببساطة لن يتنازل عن صورته المقدسة، ويعترف على الملأ بأنه كاذب ومخادع. راودت مخيلتي هذه القصة، وأنا أتابع أحداث شبح جديد يظهر في ضاحية المعادي جنوب القاهرة، في أعقاب تعرض عدد من الفتيات للاعتداء بسلاح أبيض من قبل شخص مجهول خلعت عليه وسائل الإعلام في مصر لقب "سفاح المعادي" وأصبح بين عشية وضحاها حديث الضاحية الأنيقة الناعمة، التي أنشئت متاخمة لمعسكرات الاحتلال البريطانية، وظلت أقرب إلى سمت المدن الأوروبية، لهذا اتخذها الدبلوماسيون الأوربيون سكناً لهم منذ أكثر من نحو نصف قرن مضى. وبدا الذعر الشعبي من شبح السفاح وكثفت أجهزة الأمن نشاطها في الحي ونشرت عددا كبيراً من عناصر الشرطة السريين للقبض على "الشبح" الذي رجح أطباء نفسيون أن يكون مختلاً عقلياً، خاصة وأن كل ضحاياه من المصابات تعرضن للطعن في مواضع العفة من أجسادهن، في ملابسات يكتنف الغموض فيها حقيقة دوافع الجاني، حيث لم تتعرض الضحايا للسرقة أو محاولة الاعتداء عليهن جنسياً. لكن في المقابل كانت هناك مخاوف لدى البعض من أن يكون الشبح هو أحد المهووسين دينياً، الذين ساهم الإعلام الحكومي الموجه في صناعتهم، وأدت المزايدات الدينية بين الحكومة والإخوان لتفاقم أعدادهم على نحو مطرد بات يهدد بكارثة خاصة وأن "السفاح" يتعمد إيذاء الفتيات في مواضع حساسة من أجسادهن. ولأن الهوس الجنسي يرتبط بالهوس الديني، ولعل المتتبع لخطب الدعاة الجدد من مروجي الهوس الديني، سيلمس بوضوح مدى ولعهم بالإسقاطات الجنسية، و"فتاوى النساء"، و"رضاعة الكبير" وغيرها. أخيراً يبقى احتمال ثالث وهو ألا يكون هناك وجود لما يسمى السفاح، والأمر لا يخرج عن عملية مدبرة تستهدف إلهاء الناس عن همومهم، خاصة في ظل الجدل حول التعديلات الدستورية التي اقترحها مبارك، وتجاهل فيها ما يمس عدد مرات ولاية الرئيس، أو يقترب من صلاحياته التي لا تدع في البلاد ديكاً سواه وللسلطة في مصر تراث طويل في اختراع أشباح "اللهو الخفي"، ففي العهد الناصري أشاعت السلطة وكتبت صحفها بإسهاب حكاية فتاة كانت تقف شبه عارية استوقفت أحد سائقي سيارات الأجرة بالقرب من المقابر وطلبت أن يوصلها لمكان ما في المدينة، ولما كان البرد قارصاً أعطاها معطفه وحين وصلت العنوان طلبت منه أن ينتظر حتى تحضر له الأجر من منزل أسرتها، لكنها غابت طويلا مما اضطره إلى الصعود للشقة التي حددتها، وفتح له الباب رجل مسن، وبعد سوء تفاهم ومناقشات حادة نفى خلالها الرجل أن يكون هناك من يقيم معه سوى زوجته العجوز، لولا أن السائق لمح صورة معلقة على الجدار، فقال إنها صورة الفتاة التي استقلت سيارته، وهنا أسقط في يده حين أكد الرجل المسن أن الصورة لابنته التي توفيت قبل سنوات وهي في ريعان شبابها، وحتى يبرهن له على ذلك اصطحبه إلى قبرها، الذي كان قريباً من المكان الذي استوقفت عنده السيارة، وهناك كانت المفاجأة حين وجد السائق معطفه على القبر. هذه العينة من القصص الخرافية تلجأ إليها السلطة المستبدة في أزمنة الكرب والأزمات على سبيل المثال فإن قصة "فتاة القبر" انتشرت عقب هزيمة يونيو 1967، حين انطلقت الألسنة في مصر تعارض وتسخر من أبواق السلطة، الذين تحدثوا عن "إلقاء إسرائيل في البحر"، ليستيقظ الناس على هزيمة مريرة، احتلت خلالها إسرائيل ثلث مساحة مصر. وهاهي أجواء الاحتقان ومن ثم قصص الأشباح تعود إلى صدارة المشهد المصري، بعد أن استفحل الفساد، وتمدد الاستبداد، وتعاظمت المظالم على نحو لم تعد تفلح في إخفائها بيانات الحكومة الكاذبة، ولا الهوس بكرة القدم، ولا بضاعة الهوس الديني التي روجتها الحكومة طويلاً لتجد نفسها مضطرة إلى اختراع أشباح من طراز "سفاح المعادي"، الذي انتقل إلى أحياء أخرى، وأصبح حديث المقاهي والمنازل والأسواق في عدة أحياء من العاصمة المصرية التي تتمدد في كل اتجاه. وكدأبها استهلت أجهزة الأمن مهمتها بالتشكيك في صحة تلك الحوادث، ونقلت صحف حكومية عن مصادر بوزارة الداخلية في بداية الأمر قولها إن القصة ليست سوى شائعة رددها البعض لإثارة البلبلة لكن الأمور عادت سيرتها الأولى بعدما تعرضت تلميذة بالمرحلة الإعدادية لطعنة من مجهول في منطقة حساسة من جسدها، وهكذا لم يعد هناك أمل في إخفاء الوقائع التي توالت على نحو اختلطت فيه الحقائق بالادعاءات، تماما كما جرى حين توجهت قوات الأمن بأعداد كبيرة إلى شارع حددته سيدة مجهولة خلال اتصال بإحدى الفضائيات، وحتى تكتمل عبثية المشهد وإثارته فقد تكدس السكان في الشارع وتعطلت حركة المرور وسادت الفوضى المكان، وبعد ساعات خرج على الملأ من يعلن أنه لم يكن هناك سفاح ولا من يحزنون ولعله أصبح واضحاً بين ثنايا تفاصل "ظاهرة السفاح" أن هناك تراثاً طويلاً لدى المصريين من انعدام الثقة بالسلطة، وبدت كالغريق الذي لا يهب أحد لنجدته لفرط ادعاءاته الكاذبة في وقائع مشابهة، وبالتالي لجأ معظم المصريين إلى سلوكهم الشهير، حين يقفزون على المأساة بالتنكيت، ولا بأس أيضاً من بعض الممارسات الانتهازية، ليتحول مسلسل "سفاح المعادي" مادة للتسلية والسخرية والتربح وتصفية الحسابات و"ياما في الجراب يا حاوي". من ايلاف |
#2
|
|||
|
|||
الأمن عاجز علي القبض علي سفاح المعادي .......... وبكرة يلبسوها لأي واحد ويطلعوه مجنون .
|
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|
مواضيع مشابهة | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | الردود | آخر مشاركة |
التدليس صناعة إسلاموية | sammy | المنتدى العام | 0 | 13-02-2005 08:14 AM |