|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
ديانة الهولوكوست
ماوريتزيو بلونديه صحيفة إف دي إف ، 30 مايو 2006 الجزء الأول توجد في الصين ، منذ آلاف السنوات ، ديانة مدنية عمومية لم يستطع حتى ماو إلغاءها إلا وهي الكنفوشية . ويجوز للمرء أن يكون بوذيًا أو مؤمنًا بالتاو أو مسيحيًا أو حتى ملحدًا ولكن ينبغي عليه بشكل قاطع القيام بالمراسم الطقوسية لعبادة الأجداد . اليوم تستمر هذه العبادة داخل البيوت ولكن في الماضي كان هناك مراسم عمومية ضخمة يقوم بها الإمبراطور والمسئولون من كل درجة كما أنه كان يجب على العامة أن تتبع أخلاقيات معينة وغالبا ما كان يتبعها الأفراد برغبتهم وكانت هذه الأخلاق تضم ، على سبيل المثال ، احترام العجائز ، العناية بالوالدين وتقديس العائلة التي يراد بها استمرارية ميستيكية في الحياة وفي الموت . كانت العبادات الكنفوشية تفترض وجود جميع الأجداد ، بما فيهم الغير معروفين والمنسيين ، في أجساد سلالتهم. وقد فهم اليسوعيون التابعون للأب ريتشي جيدًا أن هذه العبادة لم تكن ديانة بمعنى الكلمة بل مجرد أخلاقيات مدنية وأسلوب لتربية الجماهير . لذا فقد خلعوا عباءاتهم ولبسوا الملابس الخاصة بمن هم في مستواهم الفكري وهي ملابس لامعة مصنوعة من الحرير الصيني ، وقاموا بممارسة تلك المراسم . ولكن الفاتيكان ، الذي كان يجهل الإطار الثقافي الصيني ، فرض حظرا على تلك المراسم لأنه رأى في ذلك نوعا من الوثنية . وتسبب ذلك في أزمة الاختراق التبشيري في الصين لأن المبشرين كانوا يُحضرون ديانة جديدة ولكن دون احترام للعادات الاجتماعية الصينية ، وهم يبقون أجانب بشكل جذري وغير قابلين للاندماج . واليوم أدرك الفاتيكان أنه ، إذا لم يرد أن يُمحى تماما من المسرح العالمي ، فعليه أن يرفع البخور للديانة المدنية العالمية . وكما لا يخفى عنكم ، فإن للغرب العلماني كنفوشيته أيضًا . معنى أن الغرب علماني هو أنه يطالب جميع الديانات المقتصرة على الإطار الشخصي بألا تحكم على المجتمع وأن تقوم بأقل ما يمكن من الأفعال الخارجية ، فالغرب يرفض الإسلام بالذات لأنه يقاوم انحصار الدين في إطار داخلي وفردي . ولكنه في نفس الوقت يأمر باحترام دينه الحقيقي في مراسم رسمية وعامة . ولا يُسمح فيه بالارتداد ولا حتى اللاأدرية التي هي ، بالعكس ، أمر مستحب تجاه جميع الديانات الأخرى كسلوك علماني . يجوز بل هو مرحب به الاعتقاد بأن يسوع لم يكن له أي وجود قط وكذلك توجيه انتقادات هدامة للإنجيل والادعاء بأن أحداث السنوات الأولى للكنيسة لم تسِر على الوجه الذي يُحكى لنا وعليه فلا يُسمح بأدنى شك في الدين الجديد . إن هذا الدين محمي من قبل القانون الجنائي من أي انتقاد قد يوجه لمصادره فلا يوجد علامة أكثر وضوحا للطبيعة العمومية للدين المدني سوى كونه يحظى بحماية الدولة ضد أي شكاك أو مناهض . فكل من يحاول القول ، بناء على بحوث تاريخية ، بأن الأمور لم تسِر كما يريد الدين العالمي يُدعى "مراجعا" ولذلك يتم استبعاده أو طرده من المجتمع بشكل رمزي أو يتم حبسه . وقد أجرت مجلة "شبيجل" الألمانية مؤخرًا مقابلة مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد . وكرر الرئيس الإيراني أنه ، لو كانت المحرقة قد حدثت فعلا لكان ذلك ذنبا على عاتق الغربيين ولم يرتكبه الشرقيون ، فلا سبب إذن لأن يتحمل الشرق الأوسط العواقب التاريخية الناتجة عن ذنب لم يرتكبه وما هذه العواقب إلا دولة مدججة بالأسلحة ومتعسفة في تعاملها مع جميع جيرانها . وكما كان متوقعًا فإن ما قاله نجاد لم يحظَ بأي قبول . إذن ، فإن إهانة الديانات الأخرى ، وبوجه خاص الإسلام ، يشجع عليها ولكن لا يجوز أدنى شك في الديانة الحقيقية الوحيدة . مجرد الابتعاد عنها أو مجرد النطق بظرف "لو" هما كافيان لإلقاء تهمة الـ "إنكارية" أي الهرطقة العظمى التي ينتج عنها إقصاء الهرطقي عن الجنس البشري وإسقاط كافة حقوقه حتى حقه في الدفاع القانوني والعسكري عن النفس . توقفت الديانات الأخرى عن حرق المرتدين والهراطقة ولكن الديانة الجديدة وحدها تفرض على كل من يخرج على النظام المحرقة ولا تستبعد المحرقة النووية أيضًا . ولهذه الأسباب كافة ، حسنًا فعل البابا بنديكتس السادس عشر عندما قام بالمراسم الطقوسية المطلوبة من قبل الكنفوشية العالمية . ومن المفترض أن يستنتج الكاثوليك التقدميون والمجمعيون (وهم من يناشدون بمجمع الفاتيكان الثاني) الذين يبغضون الليتورجية ، على أنها شيء لا حاجة له وجزء من الماضي ، بشيء من التأمل من التقارير الصحفية لأول زيارة للبابا الجديد لأوشفيتز . فالصحف والتليفزيونات تجسست بشكل تفصيلي إلى أي مدى توافق بنديكتس بليتورجية الديانة الشاملة وقد شددت على النقاط التي اختلف فيها عنها . فقد تم إحصاء المرات التي نطق فيها بكلمة "شؤاه" بدلا من كلمة "المحرقة" فالأولى هي أكثر ليتورجية لأنها مقتبسة من اللغة المقدسة وإن النطق بها لدليل على انتماء أكثر حميمية إلى العقيدة الغربية العالمية . كما أن الصحافة شددت على أن البابا دخل أوشفيتز ويداه معقودتان ثم قطع المسار الليتورجي ، أي طريق الآلام اليهودي ، "وهو يصلي منذ أول لحظة دخل فيها " (صحيفة "لا ريبوبليكا") وكذلك لاحظت الصحف كيف أنه لم يفتح فاه إلا "في نهاية نشيد الكادش الحدادي" ، وهو نشيد ليتورجي بوجه خاص . وشددت كذلك ، بترحيب كبير ، على الجملة التي قال فيها "لماذا يا رب سكت ؟ لماذا استطعت أن تقبل هذا كله ؟ في هذا الصمت ، نركع في صميم أنفسنا أمام جموع من تألموا هنا وحُملوا إلى الموت" . وقد اُعتبرت هذه الجملة روح انتماء واجبا إلى اللاهوتية العالمية الجديدة التي تزعم أن "الله لم يكن موجودًا في أوشفيتز" لأنه لم يتدخل لإنقاذ شعبه الذي ليس مختارا فقط بل هو بريء من كل ذنب أيضًا . وبناء عليه فإن ذلك الشعب من ذلك الحين فصاعدا يجوز له أن يستبيح لنفسه أن يأخذ كل ما وعده به الله ولم يوف به ، ابتداء من الأرض المقدسة ، وأن يدافع عن نفسه بمائتين أو ثلاثمائة قنبلة نووية . وهذا الكلام غير مقبول طبعًا بالنسبة لأي مسيحي . حيثما يوجد ألم بشري هناك يسوع المصلوب الذي أعطى دليلا على وجوده متجسدًا في الأب "كولبي" الذي بذل حياته لأصدقائه مظهرًا هكذا أن ما من حب أعظم من هذا . وفعلا زار بنديكتس السادس عشر قلاية الأب كولبي أيضًا . ويُعدّ ذلك استثناء في الليتورجية أخذ به لأن كولبي في نهاية المطاف ، أنقذ بحياته حياة اليهود التي لا يمكن مقارنتها بأي شيء آخر . وما يهم في الكنفوشية الغربية الجديدة أنه يجب ، على المنتمين إلى كافة الأديان وجميع الرؤساء الدينيين ، أن يقوموا بطقوس هذه العبادة العمومية . إنها أفعال خارجية وهو ما يهم لأنها علامات خضوع . وقد كان البابا بنديكتس حذرًا جدا ومثل الأب اليسوعي ريتشي في الصين ، نطق بالكلمات المطلوبة في اللحظة المطلوبة ليتورجيًا وبعد ذلك فقط سمح لنفسه بالإفصاح عن بعض الحقائق . فقد قال إن اليهود ذُبحوا في أوشفيتز كـ"الخراف" ويعترف ذلك التعبير ببراءة اليهود الجذرية بل والمقدسة التي تجعلهم مُعَافون من أي حكم على أعمالهم حتى ولو كانت شريرة . |
#2
|
|||
|
|||
الجزء الثاني
وأكد البابا أن النازيين "بالقضاء على هذا الشعب ، كانوا يريدون أن يقتلوا ذلك الإله الذي نادى إبراهيم وحدد ، وهو يتكلم على جبل سيناء ، المعايير الأخلاقية للإنسانية التي ستبقى إلى الأبد " ويبدو أنه لم يكن ذلك هو الوقت المناسب للتشديد على أن يسوع أنكر ما كان اليهود يرددونه عليه أي أن "أبانا هو إبراهيم" وذهب قائلا إن "أباكم هو إبليس" . في ليتورجية الكنفوشية الجديدة لا مجال لكلمات "بحرية" وعبارات شخصية مثل التي تمتلئ بها ليتورجية ما بعد المجمع . وكما هو مطلوب ، كان لا بد أن يقول البابا إن قتل اليهود يساوي قتل الله ، ولكن سُمح له بألا يضيف ما يترتب على ذلك وهو أن اليهود والله شيء واحد . ومع ذلك ، استطاع البابا أن يسرّب في خطابه كلمات مسيحية . فقد قال إن ذكرى هؤلاء الملايين من الموتى "لا يراد بها أن تثير فينا الكراهية بل تؤكد لنا كم هي شنيعة أعمال الكراهية " . واستطرد قائلا إن ذكرى الضحايا " المقصود بها أن يقوم العقل بالاعتراف بالشر ورفضه وإثارة شجاعة الخير فينا ضد الشر ." وهذا القول مسيحي ، رغم أنه اقتبس ، من باب الحذر ، من سوفوكليس وليس المسيح . تكلم البابا عن " المشاعر التي وضعها سوفوكليس على فم أنتيجون أمام الفزع المحيط بها : أنا هنا ليس لأكره بل لكي نحب سويًا " . ضربة جميلة جدا سجلها البابا إلا أن لا حاجة لكون المرء مسيحيا ليفهم أنه لا يجب أن يستمر الإنسان في الكراهية وأن البشرية جمعاء ، بما فيها الأعداء ، مدعوة للمحبة وذلك هو الغرض الذي من المفترض أن يهدف إليه إحياء الذكريات . جديرة بالتأمل ، وخاصة فيما يتعلق بالكاثوليك التقدميين ، هي النبرة التي نقلت بها الصحف والتليفزيونات ذلك الحدث الطقوسي . فجميع التقارير كانت صورًا طبق الأصل : نفس العلامات وفي نفس لحظات الطقوس ونفس الحزن ونفس الكلمات . فبدا وكأن الصحفيين كانوا على علم بأن ما يقومون به ليس سردًا للأحداث بل مشاركة فعلية في ليتورجية ما . ومثلما كان المؤمنون في قداس زمان يردون على الكاهن بكلمات محددة ، فهم أيضًا بدورهم كانوا ينطقون بالمردات التي تتطلبها تلك الليتورجية . إنهم لم يقوموا بقص الأحداث بل عزفوا على أرغن القداس دون أدنى تنويع ، بالذات مثلما كان مكتوبًا في نوتات الأنشدة الغريغورية : "لا يجوز التنويع" . فلم يعودوا مراقبين بل أصبحوا شعبًا من المؤمنين المشاركين في الطقس الرئيسي للديانة الوحيدة التي يجب عليهم وعلينا جميعًا ، بابوات وأئمة ، أن ندين بها . فقد صاحب سرد الأحداث أو الليتورجية استذكار ليتورجي للمحرقة من خلال أشرطة الفيديو التاريخية القديمة التي هدفها هو تأكيد الإيمان بـ"وحدة" الحدث ومعاناة المختارين التي يُمنع منعا باتا مقارنتها ، ولو من بعيد ، بملايين الأموات في مآسي القرن القصير . وعليه ، فقد ذكر بنديكتس البولنديين والعشرين مليونًا من الضحايا الروس والغجر الذين سقطوا ضحايا لنفس اليد . وذلك مسموح به بشرط ألا تُجرى مقارنات بين هذه المذابح والمحرقة الوحيدة . جريدة "لا ريبوبليكا" وحدها سمحت لنفسها أن تلاحظ أن قائمة البابا كانت تفتقد إلى ذكر "الشواذ جنسيًا الذين نقلوا إلى معسكرات الاعتقال (lager)". ولكن لم يحِن الوقت بعد لليتورجية عامة وإلزامية لهؤلاء الخراف المتألمين الآخرين . وبشأن جوهر الطقس ولمعرفة إلى أي مدى احترم البابا القواعد ، لم يتجرأ الصحفيون على التعبير بأحكام خاصة بهم فقد توجهوا جميعهم دون ما استثناء إلى أعضاء الجالية اليهودية بحيث أنهم موضوع العبادة وكذلك مؤسِّسو الإيمان المدني العالمي لذا فهم السلطة الوحيدة التي يجوز لها إصدار الحكم على كل من يقوم بالمراسم الطقوسية الخاصة بالدين الجديد . وهكذا نقلت الصحافة أن الجالية لها بعض المآخذ . مثلا لاحظ اليهود الإيطاليون أن البابا لم يكرر إدانة معاداة السامية "الحالية" . ولا غرابة في الأمر ، فالكنسية الكاثوليكية أيضًا تعلم الفرق بين الخطية الأصلية والخطية الحالية . كما أن سلالة آدم تتحمل عواقب الخطية الأصلية حتى ولو لم ترتكب خطايا حالية شخصية التي يتم غسلها من خلال المعمودية ، كذلك ، في الدين الشامل الجديد ، فإن جميع من هم من غير اليهود (حتى الفارسيون البعيدون) هم مذنبون بحيث أنهم سلالة هتلر وبما أن طبيعتهم أضعفتها الخطية الأصلية فهم يميلون اليوم أيضا إلى ارتكاب تلك الخطية القديمة . فعلى سبيل المثال إذا اعترضوا على الـ200-300 قنبلة نووية خاصة بإسرائيل والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون فتُلصق بهم تهمة معاداة السامية . لهذا السبب فإن معاداة الصهيونية يعتبرها اليهود دائما قناعا لمعاداة السامية . وإذا أطلق فلسطيني النار على يهودي ويقتله لا يرتكب جريمة قتل إنما تدنيسا لأنه يكرر الخطية الأصلية . لذلك يجب على الجميع والبابا أيضًا أن يحذروا بشكل مستمر من معاداة السامية وإنكار المحرقة والمراجعة . وبهذا يرتبط المأخذ الثاني . فكما أكد رئيس الجالية اليهودية البولندية "كادليك" فإن بنديكتس لم يذكر "كافة المعانات التي تألم بها اليهود قبل وبعد المحرقة ". قال "كادليك" إن يوحنا بولس الثاني ، على العكس ، كان دائمًا ما يكرر : "معانات اليهود لم تبدأ في عام 1941 ولم تنته في عام 1945 " . وهذه نقطة لاهوتية في غاية الأهمية بالنسبة للدين الجديد فإنه لا يجب أن يقتصر على أن يكون كالكنفوشية عبادة للأجداد فقط . فلا يكفي أن يقوم من يريد أن يكون شريكا في المنافع الاجتماعية الناتجة عن الطقس العمومي ، بممارسة المراسم العامة . يجب أن يؤكد بصريح العبارة على ذنبه واشتراكه في كل ما عانى منه اليهود "قبل وبعد ذلك" ، وهو الأمر الذي لا يعني فقط الاعتراف بأن معاناة اليهود هي معاناة ميتافيزيقية لا يجوز مقارنتها بأخرى أيا كانت فيجب أن يفهم المرء بل أن يستوعب الفكرة بأن اليهود يعانون اليوم أيضًا بسبب ذنبنا الحالي ولذلك يجوز لهم أن يتسلحوا وأن يدفعوا الولايات المتحدة على تدمير العراق وإيران وقهر الفلسطينيين . فإسرائيل مهددة "في وجودها" كما تقول الليتورجية الجديدة وبشكل دائم ومستمر . ويترتب على ذلك أنه ، محاولة منها لأن تعيش في سلام وتخفف ولو حتى قليلا من معاناتها ، لا بد أن تقوم بإخلال استقرار جماهير كاملة من البشر وتنثر الموت واليورانيوم المنضب وتدمر زراعات وحضارات تقف على مستوى أقل (inferior) على بعد آلاف الكيلومترات . لأن الله لم يكن موجودا في أوشفيتز ولنقل ذلك أيضًا إنه غير موجود في أي مكان آخر . إذن ، ينبغي على إسرائيل أن تصبح هي الله . وإذا اقتضى الأمر معاناة أناس أخرى لا بأس : معاناة الآخرين تساوي أقل بكثير من تلك الأبدية والمقدسة للمختارين . |
#3
|
|||
|
|||
الجزء الثالث
فوريو كولومبو ، الذي يحمل تصريح خاص بفضل زيه الثلاثي كصحفي ويهودي وضحية ، لم يكن في حاجة إلى التقاط شكاوى المختارين . فقد عبر هو نفسه عنها بالبشاعة اللازمة في صحيفة "لونيتا" تحت عنوان "بابا مراجع" . البابا هو مراجع لأنه حاول أن يقول أن الألمان أيضًا كانوا ضحايا خدعوا من دكتاتورية إجرامية . "إنه تكلم كألماني" وليس كعضو حقيقي للديانة العمومية . "لم يذكر ستالين ولا هتلر من بين شرور العالم " ." لم يذكر الوردة البيضاء " . ذكر قائمة من "الضحايا الآخرين" لم تنل إعجابا لأنه قد أعطى انطباعًا بأنه يخلط بها الشعب المختار وإلى ما هنالك من هذا الكلام . وأسوأ هذه التهم هي الأولى مما يترتب عليها من عواقب . فقد شدد الحاخام "دي سيني" على الجملة التي قالها عن الشعب الألماني "وكأن هذا الأخير كان ضحية وليس جزءًا من المضطهدين". وآخرون ذكروا أن الألمان كانوا "قتلة هتلر النشطين" وذلك ردّ مناسب في إطار الليتورجية مقابل المراجعة البابوية المخجلة . وفي هذه المراجعة بذرة لحكم علماني لكونه تاريخيا فلا يمكن أن تقبله الديانة العمومية فكما أن هناك ضحية جماعية وبريئة واحدة كذلك يجب أن يكون هناك مذنب جماعي ميتافيزيقي وأبدي يثبته الطقس بشكل قاطع . وفي أية حال من الأحوال فإن بنديكتس ربما تجنب ما هو أسوأ من ذلك فقد تحاشى أن يذكر المعاناة الحالية للفلسطينيين وخنقهم ونقص الأدوية لعلاجهم . فتلك المعاناة علمانية وتافهة وهي جزء من سرد الأحداث وليس من التاريخ المقدس . بيد أن هذه الشكاوى تقول لنا شيئا مقلقا وهو أن أي ديانة عمومية تقبل حتمية النفاق وغالبا ما يكفيها أن يقوم المرء بالأفعال الخارجية وهي الطقوس الدينية في أغلب الأحيان . إنما هنا موضوع العبادة وهم اليهود يصرون على أن يكون للبابا انتماء الضمير الحميم إلى القصة المقدسة وإلى التضحية التأسيسية لليهودية العظمى دون أدنى احترام للدين الذي يترأسه البابا والذي لا تستحق قصته المقدسة وتضحيته التأسيسية أي احترام ولا قيمة لهما على الإطلاق . لا أحد طالب بحق البابا في أن يسرد قصته لأن ذلك يجب أن يبقى حميمًا وخصوصيًا ، كأنه حلم أو جنون شخصي ، ولا يطالب بوضع ديني معترف به . وهذا يفسر لنا بوضوح أن عبادة المحرقة ليست الديانة المدنية العصرية فقط إنما هي الديانة الوحيدة المتبقية التي لا تقتنع بالمراسم بل تطالب بطقوس مقدسة . إضافة إلى ذلك ، فإن هذه الديانة المدنية ليست مسالمة كالكنفوشية . فإن لها عواقب سياسية على الإنسانية جمعاء في يومنا هذا . وعواقب وخيمة كحروب واضطهادات . والآن أليس رفض رفع البخور لقيصر - الله الجديد هو واجب ملزم على المسيحيين ؟ بعض القساوسة اليائسين قد كتبوا لي بهذا الخصوص . ولكن لا نتهم بنديكتس ، فعقب المجمع (مجمع الفاتيكان الثاني) اعتدنا كلنا أن نعطي اهتمامًا قليلا للأفعال الطقوسية لأننا قد فقدنا حسّنا بالقيمة الطقوسية . لذا فقد أصبح من السهل الانضمام إلى الديانة المدنية الاستبدادية دون الوعي الكامل بما يعني ذلك . ولكي نعود مسيحيين ، ينبغي أن نسلك في طريق طويل يؤدي بنا إلى الوراء . وللآن فإننا كنفوشيون . ماوريتزيو بلوندي |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|