|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
. . . باللي بقيوا رح منكمل . . .
بسم الآب والإبن والروح القدس الإخوة الأحباء لا أعرف ما الذي يعيدني دوماً إلى الحرب الأهلية اللبنانية، أهو صوت شهداءنا الذي يصرخ في أعماق كياننا مطالباً بعدم إضاعة قدسية شهادته هباءً.. أم هو صوت المعارك الذي لن ننساه وسينتقل في أعماقنا، أم صوت صراخ وعويل الأمهات اللواتي يبكين أبناءً لن يعودوا.... لا أعرف لكنني كلما عدت لأبحث في تلك الفترة المليئة بالآلام والبطولات والتضحيات لمن ساروا على درب الجلجة، فاحت رائحة البخور الممزوج بالدم، رائحة دخان كنائس دمرت بوحشية معهودة، من وحش معهود يتربص بنا منذ 1400 سنة وسيبقى ما لم نضع حد له بالحديد والنار... بينما كنت أقرأ بعض الكتب التي تتكلم عن المجازر الإسلامية في لبنان لفتت نظري محاضرة لـ "بول عنداري" ألقاها في إحدى قرى جبل لبنان المحاصرة بألاف الدروز من كل جانب: . . . باللي بقيوا رح منكمل . . . تحملني الذكرى . . . في خشوع الليل راكعاً . . . أقبل حجارة الحائط الباردة . . . ليزول العالم . . . ليبقى ولد ملتصق بكنيسة . . . تحمله السعادة إلى أبعد من داخلها . . . يحمله الإيمان في الظلمة إلى فوق . . . إلى الله . . . إنها كنيسة قريتي . . . كنت آتي إليها عندما يغادرها الناس . . . أركع على الحصى قرب حائطها . . . أقبله . . . أقول لمن كان يستقبلني هناك : . . . أنا في قلبك يا سيدي . . . يدعوني . . . أقف لأدخل من الباب الخلفي . . . أحيي سنديانة عتيقة شهدت مجزرة قريبة . . . خبأت أحدهم بين ذراعيها . . . وأدخل على مهل، على غير قدمّي ... أعبر في رائحة البخور . . . على ضوء شمعة يشع منها النور . . . وصليب يتعالى فوق مذبح . . . وذراعان مفتوحتان ترسمان لي الطريق . . . هناك يتوقف الزمن على درجات المذبح . . . ويعالى ذلك الإله الصغير . . . في الحب إلى أعماق أعماق ما بين تلك الذراعين . . . وتمر الأيام ويكبر الولد . . . ويمر طوفان من الرمال آتياً من الصحراء، ليقذف به بعيداً عن ذلك الحائط البارد، عن تلك الكنيسة الدافئة . . . عن تلك القرية الصغيرة الوادعة . . . ويبقى في أعماق تلك الذراعين قائلاً : . . . أنا مازلت في قلبك يا سيدي . . . يرى بعض الإكتئاب في عيني سيده . . . ولكن بدون أن يعرف السبب . . . يعود فيسترجع صور ذلك الطوفان . . . تمر أمام عينيه تلك الرمال القذرة . . . ترسل الحديد والنار معلنة قدومها (1). تمزق سكينة الليل . . . تغير هندسة المنازل . . . تغطي الشوارع بالخراب، وتمر . . . تمر تلك الصور في البال : يتقطع غازي على جبل . . . يبقى طوني على طريق . . . وعلى تلة يغمر اندره وعماد التراب . . . تتمسك قذيفة بجورج لتدله على غير . . . غير تلك الطريق . . . وتعلو . . . تعلو تلك الموسيقى الصاخبة . . . تضيئ سكون الليل . . . تتقدم تلك الرمال . . . ليكبر ويكبر السؤال . . . وتطّل . . . تطل تلك القافلة . . . (2) تلملم صراخ الأطفال . . . تسبقها دموع الرحيل . . . تعبر الظلمة . . . تودعها القذائف الآتية من بيروت . . . وتموت . . . تموت أغاني الأطفال . . . في شوارع بحمدون . . . وتكبر القافلة الآتية من قرى الجبل . . . على ماذا أطل القمر؟ . . . الجميع هجروا الديار . . . إلى دير القمر . . . غمرت الأم أبناءها . . . فبقي مكان بارد تحت جناحيها . . . مكانه : بقي هناك يتدفأ به التراب. وتحني صبية رأسها تحاول الإتكاء على صدره . . . وتبقى منحنية . . . لوحدها. يعود القمر . . . يحدق النظر . . . دنياه رحل منها السهر : تكسرت ثلوج السنديانة، تهدم حائط الكنيسة . . . رحل الصليب عن ذلك المذبح . . . وحل صمت صاخب على بقايا ذلك البيت. . . تمر هذه الصور في عيني ذلك الولد وهو جالس تحت شجرة . . . في هذه البلدة الملقاة على صفحة جبل . . . منسية من النسيان . . . يزورها ليل . . . يغادرها عمر . . . فجأة كالقذيفة . . . تنساب الموسيقى في الخوف . . . تفتش عن ملجأ . . . ينزوي الأطفال في دير القمر . . . بعيداً عن الطفولة . . . في حضن أم تحمل رغيف خبز، تحلم بحضن الحياة. يتحدث الكبار . . . ينفجر الدمار . . . يعلو احمرار الدماء جدران المنازل . . . للحرية . . . للمسيحية . . . للبقاء . . . للحرب . . . لكل شيء : إلاّ الحب . . . يذهب إلى البيت . . . يلتقط ذلك الكتاب . . . يقرأ عن اللصوص عندما طردوا بالسوط، من الهيكل . . . يتذكر الإكتئاب في عيني سيده : لقد أصبح سيده بدون هيكل (3) . يحلم ببناء الهيكل . . . يحلم بالعودة (4) . يترامى صوت سيده قائلاً له ستكون لك اذا عرفت أن : ما من صليب سيرتفع من دون ســــيف. وما من سيف سينتصر من دون صليب. دير القمر 10 كانون الأول 1983 بول عنداري (1)- بحمدون ... المعركة. (2)- الناس الهاربة من بحمدون. (3)- تهدمت الكنائس. (4)- إلى الجبل. نعم صدقت يا بول ونحن معك نقول : . . . باللي بقيوا رح منكمل . . . وسنمضي للأمام ودمنا فداء للسيد ولهيكل السيد... لأنه كان صحيحاً أن : ما من صليب سيرتفع من دون ســـيف. وما من سيف سينتصر من دون صليب.
__________________
" ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. " رومية 8:37
" من هو الذي يغلب العالم الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله " 1 يوحنا 5:5 آخر تعديل بواسطة the ghost ، 15-01-2008 الساعة 01:20 PM |
#2
|
|||
|
|||
مقتطفات من كتاب البطل بول عنداري (( الجبل . . . حقيقة لا ترحم ))، تصور واقع حياة أبناء جبل لبنان المسيحيين وهم محاصرين في دير القمر بعد نزوحهم وتهجيرهم من قراهم في جبل لبنان من قبل الميليشيات المسلمة من دروز و فلسطينيين...
الطفولة . . . لم تعد طفولة ! في هذا العالم المتجهم، المشحون بالعنف والحقد والقسوة، في عالم المأساة المجهول غده - إذا كان لم يزل له غد - لا بد من التساؤل : أين كانت الطفولة حينذاك ؟ الأخت سهام عبود من شرتون عايشت طفولة دير القمر. كانت تجمع الأولاد خلف ذلك الحائط اتقاء لرصاص القنص، وتحاول ابقاء طفولتهم على قيد الحياة. كانت تخشى ان تنتهي مأساة دير القمر بمأساة جديدة قد تفوقها خطراً وضرراً : إذ ماذا ينفع اطفال دير القمر ان يخرجوا من الحصار وهم بلا طفولة ؟ فماذا ينفع الطفل إذا ربح الحرية وخسر ذاته ؟ هكذا بدأت تجربة سهام عبود مع الطفولة المحاصرة في دير القمر : " في البداية، عندما حاولت دعوة الأولاد الى حلقات تسلية، لم الق أي تجاوب منهم. بعد تكرار المحاولة واقناع الأهل والأولاد أصبح عدد الذين حضروا عشرة أولاد. وجوه متجهمة ونظرات حزينة شاردة . . . ينظرون إليّ وكأنني انسان غريب وفد الى أرضهم من عالم آخر. أروي لهم "نكتة"، اثنتين، ثلاثاً . . . لكن لا ألمح في شفاههم اليابسة اثراً للابتسامة. " أغني لهم، أصفق، أتحمس، أرقص، أقوم بحركات لعلها تثير الاهتمام أو الابتسام . . . ولكن عبثاً : لقد تحولت الطفولة صنماً لا يرتعش. احتضنت طفلاً وأمسكت يديه أساعده - بل أرغمه - على التصفيق، فأحسست بتشنج يديه أقرب الى الشيخوخة منها الى الخمس سنوات ربيعاً. " . . . خرجت من هذه المحاولة الفاشلة حزينة، كسيرة القلب، وبدت لي الحياة قاتمة شاحبة، بعدما فشلت في محاولة إدخال بعض الفرح الى قلب الطفولة المحاصرة بالحزن. " لكنني لم أيأس. رفضت أن اتخلى عن المحاولة فتحملت عذاب تكرارها بضع مرات، الى أن نجحت : هكذا اصبح عدد الضيوف في كل حلقة لا يقل عن الستين، وأصبحوا يضحكون، يلعبون، يمرحون، يرقصون . . . فحمدت الله على ان الطفولة فيهم ما زالت بخير". " عندما أتكلم على جورج وحياته التي فرضت عليه في دير القمر، فإنما أعني به كل ولد لم يتجاوز بعد - آنذاك - العاشرة من عمره. جورج ورفاقه يعيشون ساعة (ساعة حلقة المرح) حلمهم الضائع ويتذكرون أمسهم السعيد : بيتنا فوق عالتلة. أعلى شي بالضيعة. حواليه في أشجار كتير، وفي جنينة حلوة مليانة زهور. البابا نصب لي مرجوحة بتسلى فيها لما بخلص الدرس. بيتنا كبير كتير، وأنا الي غرفة خاصة لوحدي، بزينها متل ما بدي وبحط فيها كل غراضي ولعبي . . . عندي كيس كلل، وطابة كبيرة بلعب فيا أنا ورفقاتي. كنا نروح نتصيد بالنقيفة، وبعدين لما صرت شاطر بالمدرسة البابا جاب لي بارودة خردقة. كنت روح أنا والولاد عالحرش نلقط جلابيط (صغار العصافير) ونلعب باللقيطة . . وكمان نسيت انو عندي علبة رسم (Peinture) لأنو بحب صور كتير وعندي بخزانتي كل الصور يللي رسمتن وقت الكنت بصف الزغار يعني بصف "الأونزيام". كان عندي فطبول بقا يربحني دايماً لما كنت العب فيه مع رفقاتي . . . بس لما صار في قصف كتير نسيتو برا حد كيس الكلل وهربنا عالملجا . . . هلق ما بعرف كنو بعدن هونيك يما حدا أخدهن . . . " أما وقد أصبح جورج هنا فلا خيار له سوى الرضوخ للأمر الواقع بكل مرارته : لا بيت لا ألعاب، ولا فسحة للعب . . . لذلك نسي جورج كيف يركض، كيف يغني، وحتى كيف يضحك . . . لقد نسي الصغار كيف يركضون ويلعبون بعدما قضوا أياماً صعبة في الزوايا هرباً من القنص أو اتقاء من القصف. ضاعت منهم أغانيهم، وابتساماتهم وخسروا كل ما كان لهم في قراهم وبيوتهم. لقد كبروا كثيراً بسبب الجوع والخوف والحرمان. قال لي جورج إنه لم يعد يطلب أكثر من كومة تراب يلهو بها مع رفاقه ! . . ." .
__________________
" ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. " رومية 8:37
" من هو الذي يغلب العالم الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله " 1 يوحنا 5:5 |
#3
|
|||
|
|||
وجوه من المأساة
فإذا كانت كومة التراب قد أصبحت أقصى أماني أطفالنا في دير القمر فكيف هي حال شبابنا وشاباتنا وهمفي بوابة الفرح الوسيعة؟ إنه وجه أخر من وجوه المأساة المتعددة الوجوه تعدد الأحاسيس البشرية وتنوعها. ونكمل الجولة مع الأخت سهام عبود إلى حيث تسكن سعاد(17 عاماً) وهيام(15 عاماً) مع شقيقهما ذي العشر سنوات، في زاوية من زوايا السراي القديمة التي نسيت جدرانها الشبابيك والأبواب، مثلما نسيت أرضها البلاط والأثاث. الجميع يجلسون على فرشة اسفنج وحرامين، فيما إحدى الفتاتين تلتف بحرام وتمعن تقوقعاً في زاوية الغرفة. - هل العائلة متفرقة أم . . .؟ صمت مشحون. أعين مغرورقة بالدموع. وجوه غارقة في المأساة . . . وكلمات مترجرجة، مرتبكة : - إننا البقية من العائلة . . . ردت إحداهما. - كيف وصلتم إلى هنا ؟ - بعدما شاهدنا مجزرة والدينا وأربعة من أشقائنا، استطعنا النجاة بأعجوبة وهربنا بين الأحراج . . . لم أجرؤ على السؤال عن الوضع المعيشي فالحرمان وفرشة الإسفنج، كيس أرز صغير . . . البرد والجوع . . . خير جواب. وإذا كان هذا غير كافٍ فيكفي أن تعرف ان سبب التفاف هيام بالحرام لم يكن بسبب البرد بل بانتظار أن يجف فستانها الصيفي الوحيد الذي لم يعد لها سواه من كساء. فتى السنوات العشر قال : الحياة عندي أصبحت لا شيء . . الوالدان كانا حياتي فماذا يبقى لي بعد موتهما وموت اخوتي معهما ؟!. وفي مكان آخر بالجوار كانت تنمو مأساة من نوع آخر : أب لأربعة أولاد راح يبكي بمرارة لما سألته كيف وصل إلى هنا. قال : " عم أبكي من الفرح . . كتر خيرك يا الله لأنك قويتني على التجربي . . . عم أبكي من الفرح لأني قدرت أوصل بسلامة مع أولادي الأربعة. عشر ساعات مشي بالبراري بلا أكل ولا شرب ولا استراحة. كل الطريق خوف وتعب . . . شفت الموت قدامي. ولما وصلت على وادي رشميا فكرت هونيك - يا ربي تسامحني - انو أترك ولدين من ولادي لأن ما عاد فيي كفي الطريق مع الأربعة. قلت بترك الزغار وبكفي مع الكبار . . ." - ليش حتى تفكر تترك الزغار؟ - حتى لما أبعد عنن ما إسمع صوتن عم ينادوني يا بابا . . . بس الله كبير قواني ووصلني، لكن مش عم بقدر فكر كيف سمحت لنفسي فكر بأنو أترك هالطفلين الأبريا. مش عم فيي نام . . . أحدهم بدا كواحد من أولئك المدمنين الذين نشاهدهم في الأفلام السينمائية وقد أصيب بنوبة عصبية حادة نتيجة لحاجته الملحة الى الدخان قال : هجرنا من بيوتنا، من قرانا وتركنا جنى عمرنا . . . ما عاد عنا شي، الله بيدبر. بس نوصل لوقت ما نلاقي فيه سيجارة؟ . . . وخدلك على وجع راس ونرفزة. ضيق خلق وتوتر، حتى ما عاد إلي جلد عالولاد. ما عدت اتحاكى، ومرتي ما عدت اتحملا. خلقت المشاكل بالبيت. ما تواخذيني قلت بالبيت قال وكأنو بعد في إلنا بيت. مناكل ومنشرب قهر وتعتير، منام محتاجين شي ومنقوم محتاجين اكتر. . . . وهام الزوج المدمن على التدخين بين عيال المهجرين يبحث عن معشوقته وهو في أشد أوقاته حرجاً وحاجة إليها : السيجارة، ذلك الادمان المدمر والعشق القاتل. كان مستعداً لان يعطي أي شيء مقابل حصوله على علبة سجائر، بل على سيجارة واحدة تعيد إليه توازنه المفقود، واستقراره العائلي، والبقية الباقية من الحد الأدنى من القدرة على الصمود. بعضهم أشترى علبة السجائر بمئة ليرة، وبعضهم باعها من مهجر بمئة ليرة لا يملك سواها ! . وهناك من طلب المخدرات، وحصل عليها . . . لكنه لم يستطع التخلص من كابوس، لجأ الى المخدر لطرده، فوقع في شباك الدواء من دون ان يتخلص من الداء !. * * *
__________________
" ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. " رومية 8:37
" من هو الذي يغلب العالم الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله " 1 يوحنا 5:5 |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|