حاكموا أساتذة الأزهر.. قبل أن تحاكموا كريم عامر
عندما تقابل أي طالب في جامعة الأزهر سواء كان يدرس في كلية نظرية أو عملية ستجده كارها لنفسه.. غاضبا مما يلاقيه علي يد أساتذته ومشايخه.. يتمني أن يأتي عليه يوم يفتح عينيه فيجد أن الكون كله تخلص من الأزهر ورجاله ومشايخه ومناهجه ودروسه وتحكماته.. لا تجد سببا واضحا أو مباشرا لذلك.. اللهم إلا أن الدراسة في الأزهر بكل مراحلها من الابتدائية وحتي الجامعة تقوم علي صناعة الخوف والارهاب والقمع.. وكل ذلك يتم باسم الله!
لا يأتينا من الأزهري إلا التطرف.. وأمامنا في الصورة التي لا يستطيع أن ينكرها أحد مشهدان.. الأول لطلبة جماعة الإخوان الأزهريين الذين خرجوا في ميليشيات عسكرية يعلنون تحديهم السافر والسافل لنا جميعا.. لقد احترفوا العنف والتكفير ولم يترددوا ولو للحظة واحدة في أن يعلنوا عن تطرفهم وعنفهم.. كانوا يعلمون أنهم بعملهم وتصرفهم يمكن أن يقفوا علي حافة الهاوية.. لكنهم ضربوا عرض الحائط بكل المخاطر.. وذهبوا يكشفون عن تعصبهم وعنفهم.
هؤلاء كما انضجت أفكارهم جماعة الإخوان.. فإن جامعة الأزهر هي التي رعتهم وسقتهم من صدرها.. جعلتهم لا يرون إلا رأيهم.. لا يقتنعون بشيء إلا ما يذهبون إليه.. شخصيات أحادية صلبة لا مرونة فيها.. ومن أين تأتي المرونة إذا كانوا في كل سنوات دراستهم يجلسون أمام أستاذ جامعي لا يقبل بالنقاش أو الجدال أو يسمح مجرد السماح لأحد بأن يختلف معه أو يقول شيئا خارجا عن قناعاته.. رغم أنها يمكن أن تكون قناعات غارقة في العصور السحيقة.
المشهد الثاني لطالب جامعة الأزهر..كريم عامر.. كان يدرس بكلية الشريعة والقانون فرع جامعة الأزهر بدمنهور.. وبدلا من أن يتخرج في الجامعة الأزهرية ويسير في طريق الدعوة أو الدراسة الإسلامية.. سار في طريق قاده في النهاية إلي الحكم عليه بثلاث سنوات سجنا بتهمة ازدراء الأديان.. عند طاقم المحامين الذي يدافع عن كريم ثغرات قانونية عديدة يمكن أن ينفذوا منها لتبرئة كريم خاصة أنهم قاموا بإجراءات استئناف الحكم.. ويمكن أن يحصلوا علي البراءة وتنتهي القضية، لكن ما لا يمكن أن ينتهي هو أن هناك طالبًا كان يدرس في حمي جامعة الأزهر.. لكن خرج من ذلك كله وألقاه خلف ظهره وراح يعلن عن كفره وإلحاده وانكاره لكل الأديان مجتمعة.. ما الذي أوصل طالب الأزهر إلي هذه النقطة الساخنة والحاسمة؟.
قبل أن يحاكموه.. وقبل أن يحاكموا طلاب الميليشيات الإخوانية.. كان يجب أن يحاكموا وبمنتهي العنف أساتذة جامعة الأزهر الذين يدفنون أنفسهم بين صفحات الكتب القديمة وهي كتب يمكن أن تصلح للعصور التي صدرت فيها.. أما الآن فإنها لا يجب ولا يمكن لها أن تحكمنا أو تتحكم فينا.. إن القمع لا يمكن أن يولد سوي الانفجار.. كما أن الكبت لا يمكن أن يولد سوي سلوكا عدوانيا عنيفا.. لا أبحث هنا عن مبرر لانفلات طلاب جامعة الأزهر لكننا نحاول أن نصل إلي بيت الداء.
إن أساتذة جامعة الأزهر يحملون علي عاتقهم مهمة تعليم وتكوين عقول الطلاب.. لكن ما يحدث فعلا أن هناك عملية انتهاك كاملة لعقول الطلاب.. عملية تدمير وتخريب وتهشيم، كان يمكن أن يستوعب أساتذة جامعة الأزهر أفكار ابنهم الضالة.. أن يتناقشوا معه.. أن يدخلوا معه في حوار.. لا أن يحولوه إلي مجلس تأديب.. إن الخطأ هنا خطأهم حتي ولو أعلنوا براءتهم الكاملة منهم.. إنهم مدانون وإذا أرادوا أن نغفر لهم فيجب أن يقفوا مع أنفسهم وقفة حاسمة قبل أن يجرفهم الطوفان.. فلا يجدون أنفسهم.. لأن التطور الذي تشهده الحياة الآن ينتظر كثيرا من يفكرون بمنطق العصور الوسطي ومن يريدون أن يصيغوا الحياة علي هواهم ومزاجهم الرديء.
08-03-2007
النمط الخطي
