عرض مشاركة مفردة
  #50  
قديم 06-12-2007
honeyweill honeyweill غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2006
الإقامة: EGYPT
المشاركات: 7,419
honeyweill is on a distinguished road
تضامنا مع نجيب ساوريس ودفاعا عن مصر حقّ المواطن
الكاتب/ غسّان بن خليفة
Wednesday, 05 December 2007
مرّة أخري يتبيّن مدي حاجة مجتمعاتنا العربية الي العلمانية. اذ هاجمت قوي الظلام المتحكّمة أكثر فأكثر في رقاب أمّ الدنيا ، مصر الحضارة والثقافة وقلعة العروبة في العصر الحديث، رجل الأعمال المصري المعروف نجيب ساوريس بسبب تعبيره عن رأيه في انتشار الخمار. كما نُقل عنه قـوله ـ وهو ما نفاه علي كلّ حال ـ أنّه سيسعي الي التصدّي الي هذه الظاهرة بإنشاء قناتين فضائيتين، الأولي إخبارية والثانية فنّية تعرض أفلاما لا تخضع للرقابة الأخلاقية للكهنة المسلمين الجدد من مشايخ الأزهر الرجعيين. فسرعان ما هبّت العاصفة، وبدأ بعض الإسلاميين في اطلاق حملات المقاطعة للرجل ولشركاته في حركة غريزية، أشبه ما تكون بتحرّكات قطعان الأغنام، التي كثر انتشارها في مجتمعاتنا مؤخّراً.. كما انقضّ علي الرجل/ الفريسة زعيم الإنتهازيين المصريين وهو صحافي قومجي ـ مع احترامي للقوميين الديمقراطيين الشرفاء ـ عضو بالبرلمان المصري، عُرف بدفاعه عن جرائم نظام صدّام حسين. نفس الشخص الذي عرف في تونس بتواطئه مع النظام التونسي، حيث ما انفكّ ينشر له المقالات الإشهارية علي صفحات جريدته التي نشر علي أعمدتها ايضا حوارات مع أمثاله من القومجيين التونسيين الذيم جمعوا الحسنيين، كما يقال، بتبريرهم لاستبداد نظام العراق السابق ونظام تونس الحالي، بل واستبداد كلّ الأنظمة العربية، مع احتفاظهم لنفسهم بحقّ شتم الولايات المتّحدة واسرائيل ما لم تعطهم وزارة الداخلية الأمر بالتوقّف عن ذلك، عند زيارة أحد المسؤولين الأمريكان أو الصهاينة لتونس.


قامت الدنيا ولم تقعد اذا، لأنّ ساوريس عبّر عن رأيه كأيّ مواطن مصري واع في مسألة تهمّ المجتمع الذي يعيش فيه. اذ انبرت خفافيش الظلام وضباع الإنتهازية لتنهش من لحمه ولتحذّره من التدخّل في شؤون المسلمين لأنّه مسيحي !
أيّ تخلف أكبر من هذا؟! الجماعة صاروا ينظّرون للطائفية بين أبناء المجتمع الواحد. يريدون منّا ان نعيش داخل كنتونات ثقافية، منعزلين عن بعضنا البعض بسبب الإختلاف في الدين أو المذهب، وان لا نتحدّث الاّ بما يوافق عليه رجال الدين المحافظون الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء علي المجتمع.
ولا غرابة في انّ بعض المتحدّثين باسم الكنيسة القبطية ساندوا بشكل غير مباشر هذه الحملة، فالسعي واحد علي ما يبدو عند رجال الدين المصريين، مسلمين ومسيحيين، فكلا الطرفين يريد ان يحتكر لنفسه حقّ التحدّث باسم أتباع ديانته وان كان لم ينتخبهم منهم أحد، وبالرغم من أنّه يوجد فيهم من هو مسيحي أو مسلم ثقافة ووراثة فقط، وايضا العلماني والملحد... عار علي مصر التي شغلت العرب والعالم منذ القدم بتقدّمها وبريادتها السياسية والثقافية والفنّية، مصر التي خاض فيها حــــزب الوفد، ومن بعده الزعيم القومي الشريف جمال عبد الناصر، معركة الإستقــــلال دون أدني تمييز بين مسلم ومسيحي، تصير اليوم مقبرة للحرّية ومرتعا للظلامية الدينية والطائفية.
لا أعرف الكثير عن شخص ساوريس ولا عن مواقفه السياسية، اذ قد يكون متواطئا مع السياسات الإستبدادية للنظام المصري، ففي ظلّ أنظمتنا الفاسدة لا مناص من ان تحوم بعض الشبهات حول ايّ رجل ـ أو امرأة ـ أعمال ناجحـة. لكن دفاعي عنه هو من منطلق ايماني بحقّه في الإختلاف وايضا في الدفاع عن أفكاره وعمّا يراه أصلح لمجتمعه. فحتّي في حال صحّة سعيه الي بعث قناة فضائية تواجه تزايد النزعة المحافظة اجتماعياً ودينياً في مصر ، كما نقل عنه، فإنّ ذلك من حقّه بنفس القدر الذي يُقبل به وجود قنوات محافظة ـ الي حدّ الرجعية أحياناـ تدافع عن التديّن والخمار كقناة اقرأ وغيرها. كما انّ دفاعي عنه، هو من منطلق المناكفة عن حرّية أيّ فرد من المجتمع في التعبير عن أفكاره وارائه، بما في ذلك الإسلاميين الذين أعتبرهم خصوما فكريين ـلا أعداءـ للمشروع الديمقراطي العربي في صيغته القومية اليسارية العلمانية، مع إمكانية ان يكونوا حلفاء سياسيين في معركة إرساء الديمقراطية.


والأهمّ من كلّ ذلك، هو وجوب الإشارة في هذا المقام، الي الدور المشبوه الذي قامت به قناة العربية التي نشرت الخبر بلغة طائفية مقيتة علي موقعها وهو أمر غير غريب عن قناة أُنشئت خصيصا للتصدّي للخطاب الإعلامي التحرّري الوطني والتنويري لقناة الجزيرة، ولتسويق احتلال العراق ودعم مشاريع الفوضي الخلاقة و الشرق الأوسط الجديد الأمريكييّن، القائميْن علي تأجيج نار النزاعات الطائفية والمذهبية في المنطقة وتفتيت هويّتها العربية، العلمانية بطبعها. كما يجب التنديد مرّة أخري بمسؤولية النظام المصري المستبدّ، كغيره من الأنظمة العربية المستغلّة لموجة التدّين في مجتمعاتها، لسكوته عن تجاوزات رجال الدين والإسلاميين المتشدّدين الذين نجحوا في التسلّل منذ سنوات الي مراكز هامّة في النظام الثقافي والتعليمي، وحتّي السياسي، بمصر، تحــت أنظاره المتواطئة كنظام لا يهمّه سوي الحفاظ علي وجوده وعلي امتيازات المنتفعين منه وان ذهب المجتمع، ومعه التقدّم والحضارة ومكتســــــبات عصر النهضة...، هباء منثورا.

* صحفي من تونس



http://coptsrights.com/home/index.ph...d=70&Itemid=39
حقوق الاقباط
الرد مع إقتباس