تم صيانة المنتدي*** لا تغير فى سياسه من سياسات المنتدى اكتب ما تريد لان هذا حقك فى الكتابه عبر عن نفسك هذه ارائك الشخصيه ونحن هنا لاظهارها
جارى تحميل صندوق البحث لمنتدى الاقباط

العودة   منتدي منظمة أقباط الولايات المتحدة > المنتدى العربى > المنتدى العام
التّسجيل الأسئلة الشائعة التقويم

المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 18-07-2008
الصورة الرمزية لـ abomeret
abomeret abomeret غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 2,345
abomeret is on a distinguished road
الفائض الديني

الفائض الديني

بقلم د. عمرو الشوبكي ١٧/٧/٢٠٠٨
المصريون شعب متدين بالفطرة، أحبوا الرسل والأنبياء، وعشقوا الأولياء والقديسين، وظلوا متعايشين - مسلمين ومسيحيين - في معظم الفترات.. رغم التمييز الذي جري أحيانا بحق غير المسلمين، فإنه كان في ظل سياق تاريخي وحضاري لم يعترف من الأصل بوجود الآخر الديني، وكان الاستئصال بالمعني الديني والعرقي هو سمة العالم في القرون الوسطي، باستثناء ما جاء في رسالة الإسلام وتعاليمه.

وأي مقارنة بسيطة للعلاقة بين المسلمين والمسيحيين واليهود في مصر في الثلاثينيات والأربعينيات، وبين أحوال اليهود في أوروبا، سيكتشف إلي أي حد كان مجتمعنا متسامحا وعظيما، وقدم نموذجا للتعايش تفوق فيه علي كثير من المجتمعات الغربية، ولم يكن بالفطرة المسلمون يكرهون المسيحيين، كما يحاول البعض أن يصور، والعكس صحيح.

والمؤكد أن المصريين كانوا دائما لديهم مشاعر دينية فطرية، يحرصون علي أداء الفرائض، ويصلون ويصومون ويزكون، ولكنهم في الوقت نفسه يعملون (ولو بقدر) ولا يرتشون (إلا نادرا) وينجزون في مجالات أخري كثيرة.. وبدأ «الفائض الديني» يظهر حين فشلوا في كل هذه المجالات، ففشلوا في بناء نظام ديمقراطي وعجزوا عن أن يحققوا إنجازاً اقتصادياً وصارت المؤسسات العامة مثل الشوارع، هي الأسوأ بين كل البلدان العربية، من حيث النظافة، (رغم أن النظافة من الإيمان)، والعشوائية وسوء الإدارة.

والمؤكد حين أغلق الحكم أي فرصة للعمل العام - فلا توجد أحزاب، ولا منظمات مجتمع مدني ولا نقابات، ولا ثقافة ولا فكر - مدد الناس مشاعرهم الدينية الصحية، بصورة غير صحية إلي مجالات أخري، وصار التدين الشكلي أهم من جوهر الدين، وصارت فتاوي الحلال والحرام أهم من «الصح والخطأ» نفسه (فيه أيضا الصح حلال والخطأ حرام)، وتحول هذا الفائض الديني إلي ضوضاء وصريخ وأحيانا هتاف.. لا علاقة لها بالدين.

إن الخلل الذي حدث هو أننا تصورنا أن الشعائر والمظاهر الدينية هي فقط الدين، وأننا حين أوغلنا في الشكل تركنا الجوهر، فالمصريون كانوا يعملون بجوار تدينهم أشياء أخري، حتي لو كانت مجرد أحلام بالنهضة والتقدم مع عبدالناصر، أو بالسلام والرخاء مع السادات، وقبلهما حاولوا مع الوفد أن ينتزعوا الاستقلال والدستور، أما الآن فهم لم يعودوا قادرين حتي علي الحلم، لأن سوء الواقع يحرمهم من هذا الترف.

والحقيقة لم يتساءل كثير منا عن أسباب تزايد كل المظاهر الدينية في المجتمع وتراجع الأخلاق، وانتشار الفساد والتحرش الجنسي المهين لعموم المصريين؟ ما سر أن يصلي معظم المصريين في أماكن عملهم، وفي نفس الوقت لا يعملون، وكثير منهم مرتشون؟

كم منا شاهد بعض الجنود وأمناء الشرطة يقرأون القرآن الكريم أثناء عملهم وحراستهم بعض الأماكن الحساسة، ولا أحد يحاسبهم، ولا يجب محاسبتهم أيضا قبل أن نحاسب ضباطهم، الذين يعطون مواعيد لأصدقائهم في كمائنهم الليلية، ليأتوا إليهم بسيارات لـ«الدردشة» أثناء فترات العمل، في مشهد من المستحيل أن تراه إلا في مصر!

وحين يتصور مواطن أن قراءة المصحف الشريف أثناء عمله هي ثواب يقربه إلي الله، وليس تفانيه وإتقانه عمله، فنكون بالتأكيد أمام كارثة حقيقية، لأنه معني ذلك أن المشاعر الدينية الطبيعية، التي كانت ستدفعه لإتقان عملة والسهر علي حماية أمن المواطنين، لم تعد تمثل أي قيمة، وأنها انتقلت إلي «فائض ديني» دفعه إلي قراءة المصحف أثناء عمله وليس في المسجد أو البيت.

مظهر آخر من مظاهر هذا «الفائض»، يتمثل في الصراخ الذي صار يتباري به كثير من المؤذنين، وتفننهم في إقلاق الناس بصوت شديد القبح والرداءة، وكأنه عُين من قبل وزارة الأوقاف للانتقام من المواطنين.

وقد عايشت مرحلتين مختلفتين في طريقة تعامل المصريين مع الدين: الأولي عاشتها أجيال كاملة من المصريين منذ أكثر من ثلاثة عقود، وفيها كان التعامل مع جوهر الدين وقيمه، وكان فيها مراعاة للآخر وللجار، وسلوك عام أكثر احتراماً وتحضرًا، فقد عشت مرحلة طويلة من حياتي كان فيها بيتي مجاورا لمسجد، وأخري حالية وجدت فيها بيتي مرة ثانية ملاصقا لمسجد.

لا أزال أذكر أن مرحلة الطفولة الأولي التي كانت في نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات، كنت أستمع فيها لصوت مؤذن «مسجد الطاورطي» المجاور لبيتي، شديد العذوبة والنقاء، وظل هذا الصوت واحداً من مصادر الحنين إلي وطني طوال السنوات الثماني التي قضيتها في فرنسا للدراسة، وحين توفي مؤذنه وأنا في الخارج كتبت موضوعا صحفيا عن أصوات المؤذنين في مصر والشرق الإسلامي، متأثرا بهذه الحالة.

وقد بني هذا المسجد علي قطعة أرض بين بيتنا وبيت آخر، وكان أمامه فناء نظيف، رغم أننا كنا نلعب فيه أحيانا كرة القدم، وأتذكر كيف كنا «ننتفض» جميعا حين نجد أمامه «ورقة شاردة» ملقاة أمام فنائه.

وشاءت الأقدار وسكنت مؤخرا بجوار مسجد آخر، استخسر أصحابه أن يبنوه منفصلا عن بيتهم، فبنوا عمارة، وفي أسفلها بنوا مسجداً ووضعوا عليه مئذنة مرتفعة، أما شرفات البيت فصممت بطريقة المشربيات، التي تسمح لمن هم في داخله أن يروا من في الخارج، وليس العكس، أما مؤذن المسجد فمهما بذل من جهد للبحث عن صوت أقبح من صوته فمن الصعب وجوده، أما أنواع القمامة التي يلقيها سكان «عمارة المسجد» علي سطحه، فهي كثيرة ومتعددة (تحتاج لمصور كي يشاهد القارئ هذا التناقض).

كما أن أكوام القمامة التي تغطي الأجزاء المحيطة بالجامع وتحاصر المصلين أثناء صلاة الجمعة لا تثير غضب أحد، ويتعامل معها سكان «العمارة الجامع» بتبلد نادر وغير مسبوق.

والحقيقة أن الفارق بين الحالتين يعكس الفارق بين عالمين وثقافتين، فالرجل الذي بني المسجد الأول في نهاية الستينيات، بني علي بعد أمتار قليلة عمارته، التي تحمل اسمه، ولم يضمهما في بناء واحد، لأننا كنا في عصر لا يسمح بهذا التلفيق المهين، أما جيراننا الجدد فقد وفروا في النفقات، وضموا الجامع علي العمارة، علي اعتبار أن «كله ماشي»، ولم يحل النقاب، الذي ترديه نساء هذا البيت، ولا المشربيات التي تعزلهن عن نظرات المارة، من الاهتمام بعدم إلقاء القمامة علي سطح «الجامع العمارة».. في تناقض صارخ بين المظهر الديني والسلوك الديني.

لقد عرفت مصر فائضا دينيا يغطي السطح ويخفي الجوهر، أبطاله كثيرون من الحكومة البليدة والقانون الغائب، إلي الدعاة الجدد ومفسري الأحلام.. وما لم يفق المجتمع المصري من هذه الحالة، سيكتشف بعد فوات الأوان أنه دخل في غيبوبة لن يقدر علي أن يفيق منها، حتي لو أحضر أمهر الأطباء والجراحين.

لقد حان الوقت أن يكون الدين هو نقطة انطلاق للجدية في العمل والاهتمام بالسياسة ومحاربة الاستبداد والفساد والقبح، وليس مجرد فائض نصرخ به، لنخفي جوهر فشلنا وإخفاقنا.

elshobaki@ahram.org.eg

http://www.almasry-alyoum.com/articl...ticleID=113580
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح

الإنتقال السريع

مواضيع مشابهة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
الدولة القبطية-الحدود الجغرافية Ibrahim Al Copti المنتدى العام 113 18-09-2011 12:33 PM
ضرورة القضاء على الهوس الديني makakola المنتدى العام 2 26-03-2006 02:53 PM
الترويج الدينى للرئيس مبارك فى مصر admin1 المنتدى العام 12 19-09-2005 03:08 PM
التحرش الدينى ..... Zagal المنتدى العام 3 10-09-2004 10:59 AM
تجديد الخطاب الديني المسيحي!!! COPTIC KNIGHT المنتدى العام 5 02-03-2004 12:25 PM


جميع الأوقات بتوقيت امريكا. الساعة الآن » 02:27 AM.


Powered by: vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

تـعـريب » منتدي الاقباط