سجون مصر تحتفل بقرب تشريف غٌلام الإرهابيين إبراهيم عيسى لجدرانها المشتاقة

[الحمامة الحسنة]

العفو عن عيسى والرهان على حرية الصحافة في مصر

عمرو عبد الحميد
بي بي سي - القاهرة


في مبنى نقابة الصحفيين وسط القاهرة ، إستقبل إبراهيم عيسى كما يستقبل المناضلون السياسيون ، خاصة وأن غالبية مستقبليه من الصحفيين المحسوبين على معسكر يعارض الحكومة على طول الخط .

كان الجميع لا يزالون مأخوذين من قرار العفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس حسني مبارك - فجأة- بحق عيسى ، والذي وضع نهاية سعيدة ، لقضية إتفق أغلب رجال الصحافة والإعلام على أنها تمثل إختبارا لمستقبل حرية الكلمة في مصر.

في الأيام القليلة التي سبقت قرار مبارك ، كان إبراهيم عيسى يهيىء حقيبته لقضاء شهرين في سجن ( مزرعة طرة ) الشهير ، تنفيذا لحكم نهائي ، أدانه بتهمة نشر شائعات كاذبة حول صحة الرئيس المصري .لكن الخطط تبدلت ، وبدلا من التوجه إلى السجن ، إستدعى وزير الداخلية حبيب العادلي رئيس تحرير ( الدستور ) ليبلغه شخصيا بقرار الرئيس المصري.

صاحب القضية ، إستقبل هذا التطور المفاجىء بإرتياح ، لكن دون أن يغفل التأكيد على أن قضيته سياسية بالدرجة الأولى .سألته هل كان يتوقع العفو الرئاسي ؟ أجاب بالنفي وأضاف : قرار العفو قرار سياسي ، كما أن القضية برمتها سياسية ، أعتقد أن الرئيس مبارك أدرك خطورة وكارثية وفداحة أن يسجن صحفي في عهده بسببه ! القرار مشكور ومحمود لكنه إستثنائي ، أما القاعدة فشديدة السوء".

"لا تراجع"
رد فعل يقول صاحبه ، إنه رغم العفو الرئاسي ، لن يبدل الخط التحريري لجريدته ، المعروفة بين وسائل الإعلام المكتوبة بأنها الأشد إنتقادا للحكومة وللرئيس شخصيا ، في هذا السياق يؤكد عيسى أن قرار العفو "لن يجعلني أكف عن معارضة الرئيس ، أو أن أتوقف عن تمني وجود رئيس غيره في الحكم ، الرئيس مبارك أراد إرسال رسالة إلى من يهلل ويدعو لحبس الصحفيين".

حالة من الرضا سادت بين أنصار عيسى من الصحفيين ، الذين إعتبروا قرار العفو ( فألا حسنا ) ، ومع ذلك لم يخف هؤلاء أن هذا التطور المفاجىء جاء نتيجة تكاتف جميع القوى الديمقراطية في مصر ضد حبس أصحاب القلم ، مطالبين بضرورة إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر التي ينظر القضاء في عدد منها.

وقال حمدين صباحي رئيس تحرير جريدة ( الكرامة ) المعارضة إن من حق بقية زملائنا الذين يحاكمون الآن أن يستفيدوا بنفس الدرجة من هذا العفو الرئاسي ، وأن يطلبوه كسابقة ينبغي ان تتكرر مع عادل حمودة وعبد الحليم قنديل ووائل الأبراشي ، إذا ما صدرت ضدهم أحكام بالحبس.

لكن عبد الله كمال رئيس تحرير صحيفة روز اليوسف ، وهو أحد المقربين من جمال مبارك نجل الرئيس المصري ، حاول أن يعيد المتفائلين إلى أرض الواقع، بالتأكيد على أن العفو عن إبراهيم عيسى حالة خاصة.

وقال كمال إن قرار العفو عن ابراهيم عيسي من تنفيذ العقوبة "لا ينفي إدانته بحكمين قضائيين من محكمتين مختلفتين هذا العفو الرئاسي مرتبط بظرف محدد هو أن القضية تتعلق بموضوع يخص الرئيس ، الذي برر بأنه لا يريد أن يكون في خصومة شخصية مع أي من أبناء مصر".

الواضح إذن أن الآراء ستظل متباينة حول تفسير العفو الرئاسي عن عيسى ، على الأقل حتى النطق بالحكم في قضايا نشر تالية ، أبرزها القضية التي أقامها الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الجامع الأزهر ضد رئيس تحرير جريدة ( الفجر ) عادل حمودة والصحفي بنفس الجريدة محمد الباز ، بسبب نشر رسم لشيخ الأزهر مرتديا زي رجل دين مسيحي ، وهو ما اعتبره طنطاوي إهانة لشخصه ولمؤسسة الأزهر الشريف.

أما إبراهيم عيسى وجريدته ( الدستور ) فسيصبحان من الآن فصاعدا تحت مجهر دقيق لقراء تعودوا على نوع مميز من الكتابة النقدية ، لا تعرف حدودا .

http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/midd...00/7658633.stm