|
الله الباطشة كتوابع من لزوم ما يلزم لكارثة بحجم تسونامى. إنها فتوى تشرع للمجرمين وحيوانات القنص كى تأكل النطيحة والموقوذة والمريضة واليتيمة والضائعة ومفقودة الأهل. لتتحول إلى قطع غيار أو محل للمتعة فى قصور البدو أو فى بيوت الدعارة فى أوروبا، فالمورد مجرم والمستورد مجرم وكلاهما موجود وسيظل موجودا. تذكرت طفولة النبى يوسف وكيف باعه إخوته فى مصر كعبد صغير، لكن فى بلد متحضر مثل مصر، وعلى يد فرعون عظيم لكنه كافر، تمكن يوسف العبد بمهارته أن يثبت وجوده، مع سماح القوانين المصرية للمتفوق بالصعود والإنجاز حتى وصل العبد إلى سدة الوزارة، ولم يحرم من حقوق المنافسة كإنسان، وكرمه الفرعون بما لديه من أخلاقيات الدولة المدنية، لكن أطفال تسونامى لن يذهبوا بالتأكيد إلى مجتمعات مثل مجتمعات مصر القديمة، ولن يجدوا فرعونا عظيما يعرف حقوق الإنسان ليحميهم من الرق كما حمى يوسف. وبينما التفسير الدينى للحدث العظيم يحمل فى باطنه فتوى لكل تجار الإنسانية بمشروعية عملهم، فإننا لم نسمع حتى الآن فتوى بتجريم التجارة فى الإنسانية والاستعباد والرق. الحق أقول لكم، إنهم لن يقولوها لأنهم يحتسبونها تعتمد على نصوص قدسية عددها ثلاث وعشرون آية تتحدث عن الرقيق وملك اليمين، غير مدركين أن أحكام هذه الآيات قد فقدت الصلاحية لزماننا منذ زمان. مشايخنا طاروا إلى السماء وحضروا اجتماعا همس لهم فيه الخالق، لهم وحدهم، بأنه هو من كان وراء هذه الكارثة العظمى، ألا ترونهم يفتئتون على الله وعلى الإسلام وعلى المسلمين بروح مريضة شامتة تسعد لمرأى الكوارث المفجعة؟! تذكرت أيضا النبى نوح، وكيف استجاب له الرب دعاءه فلم يبق على الأرض ديارا سوى حفنة اختارهم ركبوا معه، تذكرت أن كل هذه الإبادة لغير المؤمنين لم تؤد فى النهاية إلى إيمان الجميع حسب رغبتنا وحسب الغرض النهائى من التدمير والإهلاك حتى الإفناء، فمن أصلاب هؤلاء المؤمنين الذين ركبوا السفينة النوحية خرجت أمم بكاملها غير مؤمنة بما كان الطوفان سببه، وأرسلت السماء الرسل والأنبياء، ولم يستطع أحدهم تثبيت إيمان واحد يشمل البشرية جميعا، كما لم يتم تأنيب الله لأى من هؤلاء الأنبياء لعدم استطاعتهم جمع البشر على دين واحد، مما يظهر معه أن عقوبة الفناء بالطوفان أو بالتسونامى لم تمنع من ظهور من هم حسب منطقنا كفارا أو متحللين متهتكين وأنهم موجودون وسيظلون موجودين، ولو كان الأمر قاعدة لكتب تاريخنا أنه كلما قام خليفة دك الله قصره عليه دكا، لما يحدث فيه من مخاز، لكن ذلك لم يحدث، بل سجل تاريخنا كل ألوان الفواحش فى قصور خلفائنا التاريخيين دون عقوبة واضحة. إذن فالفناء فى حد ذاته حسب خبرة أهل الدين لم يقض على الكفر والفسوق والخمر واللهو وإذن ما الهدف من عملية كبرى مثل عملية تسونامى تقوم بها السماء ضد مخلوقاتها الضعيفة؟! إنه الانتقام.. لأن فلسفة القانون عندنا لا تقوم على إصلاح المعوج، أو تهذيب الخارج على القانون، إنما تقوم على النقمة والانتقام، تقوم على قطع الرقاب أو الأيدى، تقوم على الفناء شفاء للروح الكارهة فقط، دون أن ينجز ذلك فى النهاية بشرا أسوياء، وتنسب ذلك كله إلى رب السماء الذى ما كان ليخاطب شعبا جاهلا فى جزيرة العرب عن العصور الجيولوجية والترسبات الجيرية أو الكربونية أو عصر الإليجوسين أو العصر الحوارسى، ولا عن معادلات رياضية وقوانين فيزيائية، حتى يفسر لهم ما نفهمه اليوم عن ظواهر الطبيعة، إنما حدثهم حسب مخزونهم الثقافى والمعرفى، الذى كان يرى ظواهر الطبيعة راجعة لأفعال غير منظورة لإرادات فاعلة غيبية،. وعلينا أن نعترف بهذا ببساطة، فنبتعد بديننا عن مناطق المزالق والمآخذ، ونعيد النتائج إلى أسبابها العلمية، فهى التفسير الوحيد الصحيح الممكن اليوم، لكن آفة مشايخنا أنهم يريدون أن يكونوا دوما مصدرا للمعرفة فى كل شأن كبر أم صغر، يفهمونه أو لا يعلمون عنه شيئا، بحسبان ذلك حقا لهم كرجال دين ليقولوا رأى الدين، الذى هو فى النهاية أيضا ليس شيئا تام الصحة والصواب وليس صالحا لكل زمان ومكان، ولكنه رأى كأى رأى آخر، لكنه عادة ما يكون أكثر الآراء بعدا عن العلمية وأكثرها قربا من السخافة والخرافة، وأعلاها صوتا فى الإعلان عن تخلف دين الإسلام والمسلمين.
سيد القمنى
__________________
مسيحي من الارض المصريه القبطيه المحتله
الي الابد قويه يامصر بالمسيح
|
20-02-2005
النمط الشجري
