
17-12-2006
|
Gold User
|
|
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,586
|
|
القتال في دارفور يبقى من الدلائل المهمة على الغوغائية العنصرية التي تضرب بعمق في العالم العربي. لقد نفت الحكومة السودانية التي يسيطر عليها السودانيون العرب حق الوجود عن بعض القبائل السودانية ذات الأصول الأفريقية والتي تقطن اقليم دارفور، فشنت عليها الحرب العنصرية بدافع اجتثاثها من السودان. كانت النتيجة أن دفع عشرات الألوف من ابناء هذه القبائل حياتهم ثمناً لغوغائية حكومة عمر البشير العنصرية. شاركت الحكومة بشكل أساسي في عمليات التطهير العرقي التي قامت بها حليفاتها ميليشيات جنجويد العربية ضد قبائل فور، ومساليت، وزغاوة الافريقية. يقول تقرير منظمة الهيومان واتش المعنية بحقوق الإنسان أن قوات الحكومة السودانية أشرفت بل وشاركت مشاركة مباشرة، في المذابح المرتكبة ضد الألوف من المدنيين، ومن بينهم نساء وأطفال، وكذا في عمليات إحراق القرى، وترحيل السكان، واغتصاب النساء وتدمير المخزونات والإمدادات الغذائية، وتعطيل المساعدات الأجنبية، وإعاقة عمل المنظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة.
لم تكن عملية التطهير العرقي التي تقوم بها ميليشيات الحكومة السودانية في دارفور والتي راح ضحيتها نحو أربعمائة ألف شخص هي العملية الأولى التي تمارسها نظم الحكم السودانية ضد القبائل الأفريقية، ولكنها ربما كانت الأهم في سلسلة طويلة من الحروب الغوغائية التي ينظمها الشمال العربي ضد القبائل الإفريقية في السودان، والتي كانت حرب الجنوب التي استمرت طوال العقود الاربعة الماضية إحدى حلقاتها المهمة أيضاً. لقد استخدمت نظم الحكم السودانية وسائل متعددة في إذلال السودانيين الأفارقة، منها على سبيل المثال لا الحصر حرمانهم من كافة حقوقهم المدنية والسياسية والاجتماعية المشروعة، هذا فضلاً عن محاولة فرض قوانين الشريعة الإسلامية على المدن والأقاليم التي تسكنها أغلبية من غير المسلمين.
النماذج الثلاثة في لبنان والعراق والسودان تعكس بوضوح محنة العقل العربي في مواجهة سياسة الغوغائية والغياب أو التغييب الكامل لثقافتي الحوار مع الآخر والاختلاف الحضاري. لم تعد الكلمة هي الفيصل في الخلافات العربية الداخلية، وإنما استبدلت الكلمة بالسيف والرصاص والمدافع والمتفجرات. ما تفعله جماعة حزب الله في لبنان، وما تمارسه الطوائف المتناحرة في العراق، وما تقوم به حكومة السودان ضد القبائل الأفريقية في دارفور هو تجسيد للغوغائية السياسية والطائفية والعنصرية في أقبح صورها. لذا لم يكن مستغرباً أن ينتفي الرجاء بانتصار لغة العقل والمنطق والحب على لغة التطرف والتعصب والكراهية في هذه الدول الثلاث وفي عالمنا العربي بصفة عامة. ولكن رغم ذلك المظهر السوداوي الكئيب الذي تبدو عليه أوضاع الشعوب العربية، ما زال من الممكن أن تظهر في الأفق بارقة أمل تبدد الظلام وتفتح الأبواب وتمحو الظلم والطائفية التعصب والتطرف والإرهاب؛ بارقة الأمل هذه تتمثل في تفعيل صوت العقل عبر انخراط الأطراف المتناحرة في حوار متمدن متحضر يسمو بالإنسان العربي فوق غوغائيته.
http://www.annaqed.com/article.aspx?article=11248
|